رواية سليل إشبيلية

عنوان الكتاب رواية سليل إشبيلية
المؤلف المودن موسى
الناشر  المركز الديمقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية 
البلد برلين
تاريخ النشر 2018
عدد الصفحات 270

أشتري الكتاب حمل الكتاب

الوصف

صدر قبل بضعة أيام عمل للروائي المغربي “موسى المودن” تحت عنوان: “سليل إشبيلية”، عن المركز الديمقراطي العربي في برلين. في هذا العمل يبدع “المودن موسى” في جلب الأنظار وتهيئة الأجواء العاطفية للاستماع إلى أحاديث الوطن الحاضر الغائب، فلا يملك القارئ لهذه الرواية الحائزة على أسرار ومشاعر صاخبة إلا أن يتفاعل مع الأشواق والعبرات والأفكار القيمة، فتستطيع من خلال قراءتك لهذا العمل أن تقف على كثير من العادات العربية التي تحبها النفوس وتعتز بها وعلى تلك العادات التي تشمئز منها النفوس لمخالفتها لقيم ديننا وإن صدرت من أمام مسجد أو مدرس دين جاهل.

الرواية عن عبارة رحلة في الزمن الماضي، يتولى حفيد الهالك “المفضل الزياتي” سرد تفاصيلها الملتوية، حيث يتقمص شخصية كل فرد منها، ويزحف عبر بناء ذاكرة متراصة منتظمة لهذه الأحداث، لتحيط بتاريخ المنطقة (العظيم، المأساوي)، ولتبرزه للعيان في قالب درامي يترك للقارئ الرغبة في مواصلة القراءة والاكتشاف.

ثم يكسر الحاجز المقام بين ماضي القبيلة وحاضرها، فتنفتح أكثر على مستقبلها، لتأثث بذلك لنوع جديد من التناول، يبرز في طياته الحرص على التمسك بالهوية القريبة عبر الشعارات القبلية(الهوية الغمارية، الهويةالريفية)، ويتجاوز ذلك إلى التمسك بالهوية البعيدة الخارجة عن حدود الوطن (الهوية الأندلسية)، وبالتالي يخرج لنا مفهوم “أزمة الانتماء” طافياً على الواجهة. ويسيطر على أحداث رواية “سليل إشبيلية” إشكالية تحديد الانتماء لدى المفضل الزياتي، والذي ينطلق من قبيلته الغمارية في رحلة نحو مدينة إشبيلية في إسبانيا، بقصد العمل من جهة، وكشف لغز الانتماء من جهة أخرى.

ثم يتكفل الراوي بسرد جوانب الحياة التي عاشها المؤلف تصاعديا، من خلال إعادة بناء الذاكرة الجريحة للجد، والذي هو ” المفضل الزياتي” إنها رحلة في حياة طالب غماري قرر إعادة بناء ذاته من خلال إتاحة الفرصة لنفسه في بلد المهجر، وأمام هذه المغامرة ستبرز له عدة حواجز ستغير نظرته نحو ذاك الحلم الذي كان يوصيه أبوه بالبحث عنه. وأمام تجاذبات حياة الغربة، تبرز شخصيتان مؤثرتان في حياة المفضل الزياتي، شخصية الراهب المغربي الأصل، وشخصية الفتاة الريفية، هذه الشخصيتان يساهمان في بناء مسار البطل في تلك الأصقاع، ويجعلان من حياته تتطور أحداثها في تواتر مستمر، فيعايش بذلك خيبات المهجر وأمله، كما يعايش مجونه وانطلاق حريته، فينسى الوطن وينسى الأرض، فيوقظه صوت الرسالة وقبله صوت الأب الراهب. وفي هذه التواتر المستمر للأحداث في حياة المفضل الزياتي، تطفو شخصية زوجته، المرأة الصامدة العفيفة الصبورة، والتي تلتحف بتقاليد الجبال الغمارية، فتأبى إلى أن تخلص لزوجها، فتتحمل بذلك تبعات الغربة والاغتراب، وتستمر في مواجهة خطوب الزمن، ومقاومة كل ما هو آتى، فيكون لهذه النتيجة ثمن باهض، تدفع هذه المرأة الصابرة المضحية. وفي المقابل السارد يحكي لنا عما تعيشه الجبال الغمارية من أحداث تبرز معاناة أهل المنطقة وتاريخهم المأساوي الذي عايشوه إبان فترة الاستعمار وبعده، بالإضافة إلى الصراع المحتدم بين الأجيال المتمردة والأجيال المتقدمة في السن ورجوح كلمة الأجيال الصاعدة، وتراجع قيمة الجماعة كسلطة تحكم وتقرر.

في الأخير تنتهي الرواية بشكل درامي مأساوي، يفقد فيها البطل حبيبته الريفية “خديجة” ثم يفقد منتهى طريقه إلى غمارة زوجته العفيفة، وفي النهاية يسكب عليه من تراب الأجداد الذي وجد مفتاح معرفتهم لدى الأب الراهب، لكن هذا المفتاح لم يكن ذا مفعول أمام هول المصاب ووقعه الجلل.

لقد عالجت الرواية مآسي الشعوذة والسحر التي حرمها الله في كتابه الكريم وسنة نبيه المطهرة وبينت أن سبب نفور الناس من ديننا هي السلوكيات التي تصدر من الملتزمين بالدين مع جهلهم به وبأخلاقه ومخالفتهم لتعاليمه. واهتمت الرواية بهؤلاء الذين يستقوون على الضعيف ويظلمونه وعلى الفساد متمثلا في الرشوة وما فيها من خيانة ومعاونة على الظلم. وسلطت الضوء على غير المسلمين (النصارى) الذين يحسنون خلقهم لجلب الناس، لدينهم مع أنه ورد ما يدل على مخالفتهم لهذا الخلق عند ذكر استعمارهم لبلادنا وتعذيبهم للمسلمين سالفا.

عن المؤلف:

باحث في تاريخ الأدب المغربي القديم – مركز دكتوراه النص الأدبي العربي القديم، كلية آداب تطوان المغرب.

TOP