الوصف
رواية.. شيكاجو
رواية “شيكاجو” للأديب علاء الأسواني من الأعمال الأدبية المميزة، ولا أبالغ إن قلت إنها واحدة من أهم الروايات المصرية التي ظهرت في السنوات الأخيرة.
تحكي الرواية قصة مجموعة من المبتعثين المصريين لدراسة الطب بجامعة إلينوي بولاية شيكاجو الأمريكية، وتستعرض حياة أساتذة طب وجراحة مصريين يحملون الجنسية الأمريكية ويعملون هناك منذ سنين، فتقدم للقارىء نماذج من شخصيات مختلفة تعطي في مجموعها لمحة عن الشخصية المصري وما أصابها في الخمسين عاما الأخيرة من تشوهات فكرية ونفسية.
تنقسم الرواية إلى أربعين فصلا مرقماً، وتسير هذه الفصول جميعاً سيراً متوازياً، فتتعرف في الفصول الأولى على ناجي عبد الصمد الثوري الذي حرم من التعيين بالجامعة بسبب نشاطه السياسي فذهب لدراسة الهيستولوجي في ألينوي، وكرم دوس أستاذ الجراحة الذي اضطهدوه في قسم الجراحة بعين شمس وحالوا دون استكماله الماجستير بسبب تعصبهم الديني فاضطر للهجرة إلى أمريكا وهناك حصل على الماجستير والدكتوراه وتدرب على يد أشهر الجراحين وأصبح رائدا في جراحة القلب وناشطا بين أقباط المهجر.
وشيماء محمدي ابنة مدير المدرسة الثانوية الذي رباها على القيم وحب التفوق والتي فازت ببعثة لدراسة الهيستولوجي في ألينوي فذهبت بمفردها بعد جهد كبير بذلته في إقناع أمها التي كانت تخشى عليها الغربة.
ومحمد صلاح أستاذ الهيستولوجي بألينوي الذي هاجر قبل ثلاثين عاما وتزوج عاملة بار ليحصل على الجنسية سريعا وأنجب منها ابنته سارة التي وقعت في حب شاب مدمن عاطل فأدمنت مثله وتركت المنزل وذهبت معه للعيش في أحد الأحياء الفقيرة التي يقطنها الزنوج والتي تنتشر فيها الجريمة والمخدرات.
ومحمد دنانه رئيس الطلاب المبتعثين بشيكاجو الذي يدرس في ذات الجامعة ويعمل مرشدا للأمن المصري فيتجسس على أعضاء البعثة ويقدم تقاريره لضابط المخابرات بالسفارة صفوت شاكر الذي تصوره الرواية بصورة الإنسان السادي الشهواني الذي يتلذذ بتعذيب ضحاياه وتهديدهم باغتصاب زوجاتهم وأمهاتهم لانتزاع الاعترافات منهم.
ومجموعة أخرى من الأساتذة الأمريكان أبرزهم كارول الثوري القديم الذي يعتبر الأديان اختراع بشري والذي تزوج على كبر من أمريكية من جذور أفريقية بعد أن هرب زوجها تاركا ابنه.
الرواية كما نرى حافلة بالشخصيات ولكل منها قصة يستعرض المؤلف كل جزء منها في فصل وفي الفصل الأخير تتجمع كل الخيوط وتصل كل القصص لنهاياتها.. فيطلق الدكتور دنانه زوجته ابنة التاجر الغني وتعود للقاهرة بعد أن خبرت دناءته وطمعه في مال أبيها ووشايته بزملائه وشهوانيته وعدم غيرته على عرضه رغم ادعاء التدين.
وتموت سارة المدمنة ابنة الدكتور محمد صلاح بعد أن دهستها سيارة وهي مخمورة، وينتحر أبوها حزنا عليها وأسى على حبه القديم لزينب زميلته الثورية وعلى سنواته التي أضاعها في المهجر ولم يجن منها السعادة المرجوة.
وشيماء محمدي التي قاومت تقرب زميلها طارق حسيب ثم انهارت المقاومة وعاشت بنت الأصول معه معايشة الأزواج فلما حملت منه وطلبت الزواج رفض بحجة انشغاله بالبعثة فذهبت لإجهاض الجنين وبعد العملية وجدته عند سريرها طالبا فيما يبدو الصفح والغفران.
وناجي الذي أحب وندي اليهودية وعاش معها فترات من المتعة وحينما هدده ضابط الأمن بالتخلي عن جمع التوقيعات المطالبة بالإصلاح السياسي وكشف له عن معلومات حصل عليها عن طريق التجسس اتهمها بأنها مصدر هذه المعلومات فغضبت منه وتركته ولم تستجب لندمه.
وهكذا تدور وقائع هذه لرواية الطويلة التي تجاوزت ٤٥٠ صفحة وقد تميزت بالسمات التالية:
١- تماسك الوقائع والأحداث وتصاعدها بشكل شيق ومثير وجذاب.
٢- المهارة في رسم الشخصيات بأبعادها النفسية وتكويناتها الشخصية مما جعلنا نتعرف بدقة على كل واحد منها كأننا نراه ونعايشه ونتوقع طريقة تفكيره وردود أفعاله.
٣- التأثير المتبادل بين البيئة وأبطال الرواية والقدرة على تبيان أثر المتغيرات السياسية والثقافية على سلوكهم وأنماط تفكيرهم.
٤- لغة السرد السهلة السريعة التي تجعل القارئ ينفعل بالفكرة والحدث دون عائق من غرابة اللفظ أو غموض العبارة.
أما ما لم أستسغه في هذه الرواية فهو مبالغتها في تصوير ضعف الإنسان أمام شهواته خاصة الجنسية منها، واستسلامه لها دون وازع ديني أو رادع أخلاقي. لا يُستثنى من ذلك رجل أو امرأة. والرواية مليئة بوصف ليالي المتعة حتى غدت وكأنها هي الأصل والحياة الطبيعية السوية هي الاستثناء.
غير ذلك فالرواية تستحق أن توضع ضمن قائمة قليلة تضم الروايات المهمة التي ظهرت في مصر خلال السنوات الأخيرة.
رواية.. شيكاجو
للمزيد من الكتب.. زوروا منصة الكتب العالمية