سوريا. تاريخ عالم مُدمَّر

عنوان الكتاب سوريا. تاريخ عالم مُدمَّر
المؤلف ميشائل زومَّر
الناشر  Klett-Cotta; Auflage
البلد ألمانيا
تاريخ النشر 2016
عدد الصفحات 216 

أشتري الكتاب حقوق الترجمة

الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

الذاكرات لا تولَد – إنها تُصْنع. ” ليس ثمة من حالة يتذكر فيها الإنسان الماضي لِذاتِه.” ( يان أسْمان، الذاكرة الثقافية. ) وهذه النظرية العلم – ثقافية بشأن الذاكرة، التي يتم دائماً تنسيقها وتداولها لغرض قابل للتحديد، جماعياً وثقافياً –على صعيد الحياة الدنيا أيضاً، طُبقت بصورة منتجة في فروع كثيرة من العلوم الإنسانية. لقد أبعدت المنظور عن المصطلح الحدّي لـ “الحقيقة التاريخية”، الذي لم يتم التخلي عنه كلياً، بل تنظيمياً و حسب، ووجهته نحو تحليل محترم وناقد أيضاً لإيديولوجيا تعددية الذاكرات الجماعية على صعيد المكان والزمان.

في هذا البحث الموجز سوريا – تاريخ عالم مدمر يقدم عالِم الحضارات القديمة ميشائل زومر مثالاً نموذجياً لدراسة في علم التاريخ استوعبت أفكارالميدان النظري لأسمان على نحو منتج، في ما يخص هنا التاريخ الحضاري للمنطقة الممتدة بين البحر الأبيض المتوسط ونهر دجلة، في العصر الإغريقي والإغريقي المتأخر. إنه بحث حساس ومثير للجدل في الواقع، ليس فقط لكونه يستقصي الجذور التاريخية لمنطقة الحضارة، التي أطلق عليها الرومان إسم سـوريا ، والمتورطة اليوم على نحو عنيف وحشي في حروب عصابات وحروب بالنيابة في صيغة “حرب عالمية ثالثة”، حسب تشخيص كثير من المراقبين، وإنما أيضاً، لأنه في تحليله النماذج الاجتماعية و المنظومات الدينية في العصر الإغريقي والإغريقي المتأخر، يرسم صورة جلية، إنسانية جديدة، لمختلف ثقافات الإمبراطورية و وضعها الفكري.

ففي عالم الأرباب الإغريقي والهيليني كان مبدأ ” قابلية الترجمة ” قائماً، في أمور المنظومات الدينية والأسطورية. كانت الأساطير الإغريقية ( واليهودية أيضاً ) ” مشروع تأليف ” جماعي (ميشائل زومر)، ساهم فيه أناس من نهر السند إلى بريطانيا – لما فيه خير جميع مجتمعات الإمبراطورية. وما أسهم في عملية الانتماء إلى الهيكلية الإمبراطورية هو حق المواطنة الروماني في المنطقة الحديثة الاندماج. لم يؤدِ ذلك إلى إقصاء النزاعات الدينية طبعاً، لكن هذه كانت ذات طبيعة مختلفة تماماً، عن تلك التي ستنتج عن زعم امتلاك الحقيقة ” المطلقة ” في أصوليات الديانات التوحيدية (كتطور متأخر نسبياً في تاريخ الإيمان برب واحد أحد لا شريك له في شمولية ألوهته). وهي نزاعات لا تزال قائمة حتى اليوم.

كان المفهومان المركزيان للوئام الثقافي الإمبراطوري هما ” مجلس جميع الأرباب” و “التربية والتعليم”. ويلجأ ميشائل زومر باقتضاب وتركيز وتصويرية عالية إلى أمثلة محسوسة ورمزية من أماكن ذكريات المنطقة السورية : إسوس (في خليج إسكندرون)، تدمر، أورشاليم، الحضر(في شمال وسط العراق حالياُ)، ليعرض كيف كان ممكناً، إقامة فضاءات ثقافية ضخمة هائلة الاتساع في سلام نسبي ( وقد شيدت بوعي سياسي – لاهوتي و سياسي – ثقافي ). وهي أماكن شيدها أناس كانوا ينظرون إلى أنفسهم باعتبارهم ينتمون في الوقت نفسه إلى الثقافة اليونانية والمواطنة الرومانية و كيهود أو ” وثنيين ” سوريين. و فصل إسوس حول إمبراطورية الإسكندر يمكن أن يعتبر نموذجاً داخل النموذج. هنا يقدم زومر منظوراً جديداً ساحراً و كاشفاً لـ ” جواد معركة ” التاريخ ( فرانتس كافكا )، الذي لولاه لما وُجدت ربما ظاهرة الهيلينية. التربية و التعليم (Paideia)- في الميثولوجيا اليونانية و الأدب والفلسفة وفن الحياة كانتا أمراً شبه بديهي لمعظم سكان أورشاليم اليهود في عهد المسيح. كانت التربية و التعليم هما برنامج التثقيف التقليدي، الذي يشمل جميع مجالات الحياة بما فيها الدينية و الروحية و الفلسفية. في كثير من الفرق اليهودية المتناحرة مثل الغيورين والفريسيين و الصدوقيين ظهرت بوادر توتر سياسي – لاهوتي، ولم يكن من الممكن ” إحلال السلام ” بينها إلا بعد تدمير المعبد عن طريق اليهودية الحاخامية.

لقد نجح ميشائل زومر بامتياز بأن يكون في الوقت نفسه واقعياً ومثيراً، في إلقائه أنوارأً كاشفة على الماضي، تُظهر كل تفصيل ملموس كجزء من علاقة متشابكة. كما أنه يفتح أفقاً، لا بل آفاقاً، تضع الكليشيهات المتداولة موضع تساؤل، مثل: الانفصال المزعوم بين الشرق والغرب، أو الانحطاط الهيليني، أو العنف “الوثني ” النمطي و وحشيته. على النقيض من ذلك، يُفهمُ التجذر “الأفقي” و “الشاقولي” لعضو في الثقافة الهيلينية ( الهوية هنا كلمة غير صحيحة، لأن الأمر يتعلق بتعددية) باعتبارها فضاء متعدد الثقافات مرتبطاً بذاكرة وتاريخ – علماً بأن التاريخ والأسطورة في التفكير النهائي يصعب فصلهما الواحد عن الآخر. وهذه إحدى ذرى نظرية الذاكرة الثقافية .

 المؤلف:
ولد ميشائل زومَّر في عام 1970 ، درس التاريخ والآداب الكلاسيكية وعلم السياسة وعلم آثار الشرق الأدنى في جامعة فرايبورغ. من 2002 إلى 2012 اشتغل في البحوث والتدريس في جامعتي أوكسفورد و ليـﭭرﭙول. ويعمل منذ العام الدراسي 2012 / 2013 أستاذاً للتاريخ القديم في جامعة أولدِنْبورغ.

This post is also available in: English (الإنجليزية)

TOP