الوصف
صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت كتاب “عين الشمس: ثنائية الإبصار والعمى من هوميروس إلى بورخيس” للناقد العراقي عبدالله إبراهيم، وهو أول كتاب موسوعي، باللغة العربية، يتناول ثقافة العميان منذ الشاعر اليوناني هوميروس في مطلع الألف الأول قبل الميلاد وصولا إلى الكاتب الأرجنتيني بورخيس في نهاية القرن الماضي، مرورا بأهم الكتّاب العميان في التاريخ، مثل: أبي العلاء المعرّي، وابن سيده، والعكبري، وزين الدين الآمدي، والرازي، وصولا إلى طه حسين، لكن الكتاب توقف بالتفصيل على “الأسطورة العمياء” وهي أسطورة أوديب، التي شكلت لبّ التراجيديا اليونانية القديمة.
ويتكون الكتاب، الذي جاء في 630 صفحة، من ثمانية فصول، يحتوي الفصل الأول الذي يحمل عنوان «المُنشد الضرير»، على عناوين هي: أُمُّ الأدب، الكفيف الرائي، أوميروس العربي: الأعمى في بلاد المبصرين، المُعضلة الهوميريَّة: وَشَكٌّ في غير محلِّه، العمى الأزرق، مآلُ الشَّاعر الأعمى، ومآبُ شاعر الأهواء، العين الأخَّاذة.
وكان عنوان الفصل الثاني «أعمى غير مرغوب فيه»، ويتضمن: ترحيل تاج الشُّعراء، قانون الشِّعر، وقانون الأخلاق، الإبصار الشَّفوي، والعمى الكتابي، الأحاسيس العمياء، والمعرفة المبصرة، يوتوبيات التابع المبصر، والمتبوع الأعمى، بِنية المحاورة الأفلاطونيَّة، الضرير والبصير في ملتقى الطرق نفسه.
أما الفصل الثالث «الأسطورة العمياء» فيتكون من: الأسطورة العمياء، والتاريخ المقدَّس، موارد الأسطورة العمياء، ما وراء ثنائيَّة الإبصار والعمى، وازدراء العميان، وغضب المبصرين، والكمال الأعمى، والنَّقص المبصر، وقتل مضاعف، وآثام متواصلة، وعمى الأسلاف: النَّفْي والترحال، وحاشية: سَيْماء العرَّاف الضرير.
ومن عناوين الفصول الأخرى «كفيف المشرق الذي أبصر كلَّ شيء» و«في صُحبة كبار العميان»، و«الأعمى وقرينه الأعمى»، و«وارث العمى» و«العمى وتجلِّياته السَّرديَّة».
الدكتور عبد الله إبراهيم ناقد من العراق، تخصّص في الدراسات الثقافية والسردية، حصل على جائزة الملك فيصل العالمية في الآداب لعام 2014 وعلى جائزة الشيخ زايد في الدراسات النقدية لعام 2013. وأصدر أكثر من 20 كتاباً، منها: موسوعة السرد العربي بـ9 أجزاء في نحو 4000 صفحة، وهذا الكتاب هو آخر ما صدر له عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
درس إبراهيم، بأسلوب شائق، جماعة العميان بوصفها جماعة تتشارك في أعراف متماثلة في التواصل، والترابط، والتفاعل، واقترح النظر للعميان على أنهم “جماعة تواصليَّة” بحساب أنّهم فئة تمتثل لقواعد مشتركة في إنتاج الخطاب وتداوله، لأنها تمتثل للأعراف الناظمة لأفرادها في الميول الفكريَّة، والرغبات النفسيَّة، والنزعات العاطفية، والتصورات العامة عن العالم، وهي جماعة تترابط في ما بينها بطرائق التواصل الشفوي والتعبير اللفظي.
ونفى المؤلف احتساب العميان جماعة اعتقادية لها ميول سياسية أو دينية خاصة، بل رأى أنه ينتظمها ناموس مشترك تُراعى فيه السُّنَن الخاصة بالمكفوفين، وذهب إلى أنه من الضروري تعديل النظر إلى العميان من كونهم أفرادا متناثرين في سياق التاريخ الاجتماعي إلى كونهم جماعة متلازمة في طرائق إنتاج الخطابات، وتبادلها، والتواصل بها في ما بينهم ومع الآخرين؛ فذلك يتيح الفرصة لكشف الذخيرة الثقافية التي ينهلون منها، وأعراف التأليف الشفوي المتّبع لديهم قبل أن يقع تدوين ما يتفوّهون به.
وختم إبراهيم تحليلاته بتجليات ثقافة العمى في المدوّنات السردية عند أمبرتو إيكو، ساراماغو، كورولنكو، غسان كنفاني، يوسف إدريس، محمد خضير، إبراهيم أصلان، وهـ.ج. ويلز، وتوقف بالتفصيل على التجربة السردية لبورخيس.