الوصف
This post is also available in:
English (الإنجليزية)
يقدم إيلان بابيه في كتابه الجديد “فكرة إسرائيل.. تاريخ السلطة والمعرفة” تاريخًا عامًا لآليات إنتاج المعرفة الإسرائيلية التي اتكأت عليها الصهيونية في إثبات سردياتها التاريخية، وترسيخ فكرة الدولة الإسرائيلية، متعرضًا لدور المناهضين لتلك الرواية في فضح المغالطات التاريخية والمزيفة لفكرة إسرائيل، في تحدٍّ علني للتيار السائد من الأكاديميين الموالين، ومحاولة لتقويض شرعية الخطاب الرسمي، مستلهمًا فكرة الكتاب من مقالة المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد عام 1983 عقب الحرب الإسرائيلية على لبنان، الذي أكد فيها ضرورة نشر الرواية الفلسطينية عن الصراع.
قدّم المؤرخ الإسرائيلي النقدي إيلان بابيه جبلًا من القرائن على تحكم السلطة بالمعرفة في دولة الاحتلال ولا سيما خلال الفترة الأخيرة، وأساسًا في سبيل ترسيخ “فكرة إسرائيل” ضمن قالب مُسبق البرمجة والأدلجة “يجب” أن تقف في جوهره بصورة مطلقة “قصة الخلاص والبطولة وعدالة التاريخ” وأنها (الفكرة) “التمظهر الحتميّ الناجع لتاريخ الأفكار الأوروبي”، وذلك في مقابل الفكرة المُضادة القائلة بأنها تمثّل كل ما هو متعلّق بالاضطهاد والتهجير والكولونيالية والتطهير العرقي.
وفي حين تعتمد دولة الاحتلال، كما كان شأنها أولًا ودائمًا، على الجيش والموارد الاقتصادية والقوة السياسية، فإن الفكرة تظل بحاجة إلى “تدعيم معرفيّ” توفره الأكاديميا، على ما يؤكد بابيه الذي يضيف أن الترويج لـ”شرعية الفكرة” السالفة خاصة على المستوى الدوليّ لا يكفيه الاعتماد على قوة المال أو اللجوء إلى الابتزاز الأخلاقي، إذ يلزم أيضًا إثبات عدالة الفكرة وصحتها. وهذا ما تتطلع إسرائيل إليه، وما تعكف عليه رسميًا من خلال الاعتماد على نخبة مفكريها وأكاديمييها بقصد إضفاء الشرعية على الدولة.
وتنشأ الحاجة إلى الترويج من التحديّات التي تواجه تلك الفكرة خارجيًا، ومن الشكوك المُحتملة التي قد تظهر داخليًا. وبطبيعة الحال ثمة علاقة جدلية بين تلك التحديّات والشكوك. ويعتقد مؤلف الكتاب أن التحديّات ليست مجرّد شأن فكريّ أو فلسفيّ بل إن لها القدرة على توليد تحرّك ضد دولة الاحتلال من جهة وتضامن مع “أعدائها” من جهة أخرى، ويقول إن الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها (BDS) قد تمثّل حالة من التشكيك في أخلاقية فكرة إسرائيل تمت ترجمتها إلى تحرّك مباشر ضدّها.
الشكوك الداخلية و”وسائل الدولة”
يتوقف كتاب بابيه على نحو خاص عند أبرز معلم من معالم الشكوك الداخلية على مستوى المجتمع اليهودي، والذي تمظهر في كتابات تاريخية وأدبية تم تأطيرها ضمن “تيار الكتابة ما بعد الصهيونية” والذي يمثّل عليه أكثر شيء تيارا “المؤرخين الجدد” و”علماء الاجتماع النقديين” اللذان شهدا نموًّا ملفتًا في تسعينيات القرن العشرين الفائت بتأثير عدة عوامل أهمها- برأي المؤلف- ما جرى بعد الاحتلال عام 1967 وصولًا إلى الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987) مرورًا بالحرب على المقاومة الفلسطينية في لبنان (1982). وكان أفراد هذين التيارين جزءًا من ممارسات نقدية عالمية “أغرتهم باعتماد منهجية أكثر نسبوية عند دراسة علمي التاريخ والاجتماع والأيديولوجيا القومية لإسرائيل”، كما استفاد آخرون منهم من حقل الدراسات ما بعد الكولونيالية، في حين فضّل آخرون تناول الصهيونية وإسرائيل والنضال ضدهما كحالة كولونيالية صرفة.
وثمة عامل مهم آخر، وإن لم يأت عليه الكتاب، هو تصاعد تحدّي الفلسطينيين في مناطق 1948 لدولة الاحتلال في تلك الفترة المبحوثة، والذي تطوّر على يد المفكّر عزمي بشارة إلى مشروع فكري- سياسي اعتبر وما يزال الأهم في كل ما يتعلق بمعاداة الصهيونية وتحديها.
وكان تصاعد تحدّي “فكرة إسرائيل” من الداخل يعني أن “النموذج المثالي للصهيونية” أعيد النظر فيه. من هنا كان الهجوم على “تيار ما بعد الصهيونية” كاسحًا. وما إن انقضى عقد التسعينيات حتى وُصف هذا التيّار من طرف دولة الاحتلال وأطياف واسعة من المجتمع اليهودي بأنه خطر ومدمّر ومن شأنه لو استمرّ أن ينزع عن إسرائيل شرعيتها الدولية وأن يهدم أساسها الأخلاقيّ. وهكذا صارت “ما بعد الصهيونية” حركة معادية للساميّة في نظر مناهضيها وشهد عام 2000 هزيمتها واختفاءها شبه التام، وفقًا لما يؤكد بابيه.
يعتقد بابيه أن دولة الاحتلال مرّت بثلاث مراحل من ناحية الطابع الصهيوني لسلطتها الحاكمة:
في المرحلة الأولى، منذ عام 1948، شكلت الصهيونية الكلاسيكية الأيديولوجيا التي كانت الحكومات الإسرائيلية المتتالية تعتنقها واستمرت حتى عام 1993؛
المرحلة الثانية استمرت على أقل تقدير حتى اغتيال يتسحاق رابين عام 1995 وعلى أكثر تقدير حتى عام 1999، واتسمت بوجود محاولة (خجولة) لتبني خطّ أكثر ليبرالية بل وربما ما بعد صهيوني؛
المرحلة الثالثة التي بدأت عام 2000 حلّت مكان ذلك سياسة نيو- صهيونية ما تزال قائمة إلى الآن. وأهم ما يسم النيو- صهيونية هو العمل على تكريس “فكرة إسرائيل” كما ذُكرت أعلاه وإسقاط أي تفسير آخر لها. وأي محاولة لمعارضة التفسير الأحادي لتلك الفكرة تواجه تهمة جاهزة: “عدم الانتماء إلى الوطن أو حتى خيانته”.
وبالعودة إلى الموضوع الذي نوينا الخوض فيه من البداية، وهو السلطة والمعرفة في دولة الاحتلال، لا بُدّ من ذكر ما يلي: على المستوى الداخلي تملك السلطة/ دولة الاحتلال الكثير من الوسائل التي تعينها على ترويج “فكرة إسرائيل” من الناحيتين الأخلاقية والمنطقية. مهما تكن هذه الوسائل يركّز بابيه على نظام التعليم، وهو يعتبر أن النجاح الأكبر للصهاينة الجدد، إلى جانب وجودهم الفاعل في كل الحكومات الإسرائيلية منذ عام 1996، هو سيطرتهم الممتدة على نظام التعليم الإسرائيلي. ويكتب بهذا الشأن: “شرع وزراء التربية والتعليم الليكوديون بالتعاون مع زمرة من الأكاديميين، كثير منهم من جامعة بار إيلان الحكومية الدينية وجامعة أريئيل في الضفة الغربية المحتلة، في جعل التفسير النيو- صهيوني لفكرة إسرائيل الأساس الأيديولوجي لنظام التعليم الرسمي في البلد. وقد وضع الصهاينة الجدد الكثير من المواد التعليمية (من كتب دراسية ومناهج وغيرها) التي ستترك أثرًا على الجيل المقبل من اليهود في إسرائيل، وهو أثر من شأنه أن يخرّج جيلًا عنصريًا إقصائيًا مسكونًا بالطهوريّة العرقية”. كما جرى بث الروح العسكرية في النظام التعليمي. وبعد ذلك يشير إلى أنه خلافًا بعض الشيء لنظام التعليم، فإن الإعلام والمجال الأكاديمي يتمتعان بالحرية بعيدًا عن هيمنة السلطة، على الأقل نظريًا، ولا يمكن التحكّم بهما. وهذا ما يوضّح أسباب محاولات إحكام الهيمنة عليهما المتواترة منذ عدة أعوام.
إذا ما تمحورنا حول المجال الأكاديمي فإن كتاب بابيه يخلص إلى استنتاج واضح مفاده أن الأكاديميا في معظمها انصاعت لـ”رواية السلطة/ الدولة”، سواء كان ذلك عن قناعة حقيقية أو عن قناعة متوهمة من طريق ادعاء الوصول إلى تفسير مماثل لتفسيرها عبر “تحليلات موضوعية”.
ويجدر في هذا الصدد أن نسجل كلمات المؤلّف بالحرف: “تبيّن في نهاية المطاف أن الفكرة (فكرة إسرائيل) كانت أكثر قوة ممن تحدّوها. ولم تكن تلك القوة نابعة من قسر أو ترهيب بقدر ما اكتسبت شرعيتها بشكل أساسيّ من القبول بها كأمر واقع. تلك القوة التي بيدها تسيير الحياة اليومية تولدت من وسائل غير ظاهرة للعيان كان أولئك الذين وقفوا ضدها يسعون إلى الكشف عنها. تلك القبضة المتينة التي تضمن دعمًا واسعًا لها بين يهود إسرائيل على مستوى العامل في الشارع وصولًا إلى أستاذ الجامعة في برجه العاجيّ. وهذا ما يجعل الأمر حالة جديرة بالدراسة، إذ تساعدنا إلى جانب أهميتها في تقييم مستقبل إسرائيل على التوصل إلى فهم أفضل لطبيعة العلاقة بين السلطة والمعرفة في مجتمعات تدعي الديمقراطية في مطلع القرن الحادي والعشرين”.
تقاطع الأكاديميا مع المشروع
الصهيوني في الماضي
تقاطعت الأكاديميا مع المشروع الصهيوني منذ إنشاء “الجامعة العبرية في القدس” ومعهدي “التخنيون” و”زيف” (“معهد وايزمان” لاحقًا) في عشرينيات القرن الفائت. وجرى تسخير هذه الأكاديميا لخدمة المشروع الصهيوني في فلسطين قبل النكبة وبعدها، وعمل باحثوها على تزويد المشروع الصهيوني بالنظريات والآليات العلمية لتثبيت وهيمنة المشروع الصهيوني في فلسطين في كل المجالات.
هذا التقاطع سبق أن تناوله كتاب الباحث الفلسطيني مهند مصطفى “المؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية: المعرفة، السياسة والاقتصاد” الذي صدر عام 2014 عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار.
فمثلًا كان هناك دور واضح للأكاديميا والإنتاج المعرفي الإسرائيلي الأكاديمي في قضايا التخطيط والبناء، والاستيطان، وتزويد ما تطلب من معرفة وأدوات على المستويين العسكري والمدني، وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية وعشية حرب فلسطين. وتمكنت الأكاديميا الصهيونية، كما يؤكد الكاتب، من أن تموضع نفسها كإحدى المؤسسات المهمة على المستوى الإسرائيلي وعلى المستوى العالمي، سواء في إنتاجها المعرفي والبحثي، أو في دورها في بناء دولة الاحتلال وخصوصا في حالة مجتمع هذه الدولة كمجتمع مهاجرين وأقليات، وما يحمل ذلك من تحديات كبيرة على دولة ناشئة. لذلك أرادت الدولة ومؤسسوها أن تكون مؤسسات التعليم العالي جزءًا من المشروع السياسي الصهيوني وبناء الدولة الجديدة في جميع المجالات، وبالذات المجالات العلمية التكنولوجية.
ويشير مصطفى إلى أن ديفيد بن غوريون انتبه إلى العلاقة بين القوة والمعرفة بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك كجزء من إعادة تعريف العلاقة بين المعرفة والدولة في العالم بعد الحرب. وقبيل الحرب لم يُبد بن غوريون اهتماما كبيرا وخاصا بالمعرفة والتكنولوجيا في بناء المجتمع الاستيطاني اليهودي، حيث كان العمل “الطلائعي” المتمثل بزراعة الأرض وإقامة المستوطنات يشكل أهم أولويات المشروع الصهيوني، ولم يتم ربطه بالضرورة مع إقامة مؤسسات تعليم عال. بينما بعد انقضاء الحرب العالمية، انحصرت جهود بن غوريون في الربط بين المعرفة ومكونات المشروع الصهيوني، ففي لقاء جمعه مع طلبة يهود من المجتمع اليهودي الاستيطاني في فلسطين عام 1944 قال لهم:
“أرى دور هذا الجمهور في تجنيد العلم اليهودي من أجل إقامة الدولة اليهودية وبنائها. صحيح أن الدولة لا يمكن إقامتها من خلال العلم فقط… الدولة تحتاج إلى الزراعة، الصناعة، البحر، الجيش، لكن بدون العلم لا نستطيع أن نفعل كل هذه الأمور، وكل واحد منها يحتاج إلى العلم، حتى الحرب لا يمكن أن نخوضها بدون العلم، لكن هذا السلاح ليس السلاح الوحيد، إنما واحد من الأسلحة المركزية، ويجب أن يكون سلاح الصمود وسلاح الدفاع”.
أعاد بن غوريون في عام 1947 تأسيس الشعبة العلمية في منظمة الهاغاناه، وفي آذار/ مارس 1948 أقام السلاح العلمي كجزء من الشعبة العلمية. وبعد إقامة دولة الاحتلال تحولت وحدة السلاح العلمي إلى واحدة من أهم المؤسسات البحثية في إسرائيل، إلى جانب الجامعة العبرية ومعهدي وايزمان والتخنيون. وقد عمل داخل هذا السلاح عام 1951، نحو 560 عاملا في خمسة مراكز بحث تابعة له، وعلى أساسه أقيمت شعبة البحث والتطوير في وزارة الدفاع، وأقيمت بعدها بسنوات شركة “رفائيل” للتصنيع العسكري. وشهدت سنوات الحرب العالمية الثانية تعاونا بين المؤسسات العلمية اليهودية في فلسطين وبين بريطانيا، حيث قامت الجامعة العبرية بتقديم الاستشارة العلمية والمهنية للمجهود الحربي البريطاني، وتم إقامة اللجنة العلمية الاستشارية التي تضم مؤسسات التعليم العالي اليهودي في فلسطين من أجل تقديم المساعدة والمساندة العلمية والتقنية والطبية للمجهود الحربي البريطاني. وكان واضحا بالنسبة لبن غوريون، أن هدف السلاح العلمي وشعبة البحث والتطوير في وزارة الدفاع هو بالأساس تطوير صناعة الأسلحة، وتطوير برنامج التسلح للجيش الإسرائيلي، ولكن هذا التطوير يحتاج إلى النخبة الأكاديمية المدنية، التي تعمل في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي التي لا يمكن للبحث والتطوير العسكري أن يتقدم بدونها.
ما بعد الحرب العالمية الثانية
يؤكد مصطفى أن الحرب العالمية الثانية والتحول الذي أحدثته في العلاقة بين الحرب والعلم والتكنولوجيا، نظرًا إلى كونها أول الحروب التي أدّت فيها التكنولوجيا دورا كبيرا وحاسما في مجرياتها، أدّت إلى تحولات داخل أجزاء كبيرة من النخب الأكاديمية اليهودية في فلسطين عموما، وفي الجامعة العبرية خصوصا. وقد ساهمت الحرب التي اندلعت في فلسطين في إثر قرار التقسيم يوم 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1947 في تعزيز هذه التحولات، حيث بدأت الجامعة ونخبتها ترى أنها جزء من الدولة القادمة، وأن عليها أن تساهم في المجهود الحربي اليهودي والإسرائيلي خلال الحرب.
وانطلق هذا التفكير من عوامل فرضها الواقع، فإلى جانب وجود توجهات قومية يهودية واضحة داخل نخب الجامعة، كان واضحا أن الجامعة ستكون جزءًا من الدولة اليهودية الجديدة، وأن عليها أن تساهم في مجهودها الحربي في هذه المرحلة، وفي بنائها في المرحلة التالية، لتضمن مكانتها في الدولة الجديدة. وهذا ما حدث في العقد الأول بعد إقامة الدولة حيث تحولت الجامعة العبرية إلى “الجامعة”، بمعنى المؤسسة الأكاديمية المهيمنة في إسرائيل.
وساهم انضمام النخب الأكاديمية العلمية إلى شعبة البحث والتطوير العسكرية في بداية الحرب في تعزيز وتحسين أداء هذه الشعبة، ففي منتصف شباط/ فبراير 1948، التقى وفد من الجامعة العبرية مع بن غوريون وناقش الدور الذي يمكن أن تؤديه الجامعة في البحث الأمني ومكانتها في الدولة القادمة. وأخبر الوفد بن غوريون أن الطاقم البحثي في الجامعة سوف يجتمع لفحص الدور الذي يمكن أن يلعبه في المسألة الأمنية للمجتمع اليهودي في فلسطين.
وفي نفس السياق التقى بن غوريون المدير العلمي في معهد وايزمان للعلوم، إرنست برغمان، والذي أخبره عن استعداد المعهد للمساهمة في المجهود الحربي اليهودي في فلسطين، وقد تم دمج برغمان، وهو كيميائي، في الصناعات العسكرية الإسرائيلية لاحقا، وتحول معهد وايزمان إلى مؤسسة مهمة في إنتاج هذه البحوث. وخلال الحرب أسس بن غوريون طاقمًا للبحث العلمي الأمني، وضم الطاقم ممثلين عن المؤسسات العلمية اليهودية الثلاث في فلسطين: الجامعة العبرية، معهد وايزمان، ومعهد التخنيون، بالإضافة إلى ممثل عن شعبة البحث في منظمة الهاغاناه.
وعندما شرعت الحكومة الإسرائيلية في الخمسينيات في سنّ قانون مجلس التعليم العالي، حرص بن غوريون على أن يقنن القانون العلاقة بين الجامعات والبحث العلمي والتطوير وبين الأغراض القومية للدولة. وعلى نفس المنوال اهتمت الدولة ومؤسسوها بمراكز البحث في العلوم لكي تكون جزءًا من مجهود بناء الدولة وحمايتها، إلا إنها أرادت في ذلك الوقت، وبتوجيه ومبادرة من بن غوريون، مركزا للأبحاث مختصًا بالعلوم الإنسانية يكون ذراعا دعائية للدولة الجديدة في صياغة روايتها الرسمية حول أحداث النكبة الفلسطينية، ودحض الرواية العربية الفلسطينية، وكانت هذه الفكرة هي التي وقفت وراء تأسيس معهد “شيلواح” عام 1959، والذي يعرف الآن بـ”مركز موشيه دايان لدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” في جامعة تل أبيب.
This post is also available in:
English (الإنجليزية)