الوصف
يتناول كتاب ” فن الإنشاد الدينى” تاريخ الانشاد فى مصر منذ عهد الفراعنة حتى اليوم ويعد أول كتاب يؤلف في هذا الشأن، وهو على فصلين، الأول، نشأة وتطور فن الإنشاد الديني حيث تعقب الكتاب هذا الفن منذ عهد قدماء المصريين وتطوره إلى يومنا هذا، والثاني: أهم المنشدين والمنشدات.
ويتعرض الكتاب لأهم الأناشيد الدينية في العهد المسيحي التي ظهرت في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مقترنة بالموسيقى والترانيم،إلى أن يصل إلى الدين الإسلامي الذي انتشر فيه فن الإنشاد الديني انتشارا غير مسبوق فيما قبله حتى نضج وصار فنا قائما بنفسه له مدارس وأصول ومذاهب.
يعرفنا الكتاب بأهم المنشدين والمنشدات، فلا يقف فقط على المنشدين المسلمين الذين يقترن بهم فن الإنشاد بطبيعة الحال وإنما يعرض لأهم المنشدين الأقباط، ثم يلفت النظر إلى المنشدات اللاتي شاركن الرجال في هذا الفن العظيم.
ولا ينحصر الكتاب برصد لون الإنشاد الديني على الدين الإسلامي فقط وإنما هو وثيق الصلة بالدين المسيحي أيضًا.
وبحسب مؤلفة الكتاب، مروة البشير، لم يكن الأمر سهلا – كما هو متوقع – فالمتاح إما مراجع قديمة تتحدث عن فترات تاريخية سابقة، أو دراسات أكاديمية تهتم بالعنصر الموسيقى فى الإنشاد، لكن لا توجد كتب حديثة موجهة للقارئ العادى ـ وليس المتخصص ـ توثق تاريخ وحاضر الإنشاد الدينى فى مصر، والدور الذى يلعبه فى نفوس المصريين.
وتلفت إلى أن مصر هى أول دولة فى العالم عرفت الإنشاد الدينى، وهو الإنشاد المصاحب للطقوس والعبادات، وإقامة الشعائر والصلوات داخل المعابد عبر مجموعة من الترانيم ذات نصوص دينية عادة ما تكون غامضة المعنى، وجاءت أشهر هذه الأناشيد على الإطلاق للملك الفرعون إخناتون، ذلك الزاهد المتعبد والفيلسوف المتأمل
ومع انتشار الديانة المسيحية، ظهرت فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الموسيقى الكنسيّة القبطية وهى من أقدم الموسيقى الكنسية الموجودة، وقد وصفها عالم الموسيقى الإنجليزى، ايرنست نيولاند سمث، بأنها إحدى عجائب العالم السبع، والترانيم هى جزء مهم من العبادة المسيحية فهى كلمات تسبيح للرب، وهناك ترانيم كثيرة فى الكتاب المقدس منها السارة والحزينة، ومنها ترانيم النصرة والتوبة، وقد شهدت السنوات الأخيرة تطورا كبيرا فى الترانيم والألحان القبطية، وظهرت فرق عديدة تؤدى هذا اللون، لكن الأبرزكان ظهور جيل جديد من المرنمين، الذين يؤدون ترانيم أقرب إلى الغناء الدينى باللهجة العامية.
وعندما جاء الإسلام، كانت قصائد المديح النبوى ـ التىتعد العمود الفقرى للإنشاد ـ أحد أدوات الحرب ضد المشركين وأهم وسيلة إعلام للدفاع عن الإسلام، وكان أشهرها لشاعر الرسول (عليه الصلاة والسلام) حسان بن ثابت، وبعد عصر النبى صلى الله عليه وسلم تطور فن المديح والإنشاد الدينى حتى أصبح فى عهد الأمويين فنًّا له أصوله، وضوابطه، وقوالبه، وإيقاعاته.
وفى مصر ازدهر فن الإنشاد الدينى فى عهد الفاطميين بسبب اهتمام الدولة بالاحتفالات الدينية والدنيوية المختلفة، ومع انتشار الطرق الصوفية دخل الإنشاد الدينى مرحلة جديدة من خلال «الحضرة» ثم ارتبط بالموالد الخاصة بأولياء الله الصالحين، ومع ظهورالإذاعة ثم التليفزيون انتشر فن الإنشاد الدينى وذاع صيته، حتى أصبح لدينا الآن فضائيات خاصة بالإنشاد وفرق مختلفة للغناء الدينى.
ويلقي كتاب فن الإنشاد الديني، بإطلالة واسعة على فن الإنشاد الديني القبطي موثقا إياه من بدايته إلى يومنا هذا، فتقول الكاتبة: “مع ظهور وانتشار الديانة المسيحية ومع مر السنين ظهرت الموسيقى المسيحية التى استخدمت فى طقوس العبادة والصلوات، وأخذ الغناء شكلا فرديا وجماعيا، وفى القرن الرابع بعد انتهاء عصر اضطهاد المسيحيين قام آباء الكنيسة بتأسيس نظام للطقوس الدينية المؤلفة من الأناشيد التى يُتَرنَّمُ فى المناسبات المختلفة طوال السنة، وقاموا بكتابة كلمات وموسيقى الأناشيد الدينية وتأثروا بالشعرالغنائى فى العهد القديم أو المزامير، ثم أخذت كل كنيسة تضع موسيقى وأناشيد خاصة بها، وقد هذب البابا غريغرزى الأول الموسيقى اللاتينية الكنسية فأحدث الترانيم الغريغورية وهى ألحان فى الكتاب المقدس للموسيقى الكنسية اللاتينية، ويعتبر فنا موسيقيا غنائيا جادا، ذا سير لحنى غير مرافق بآلات موسيقية.
ويمكن القول، إن تاريخ الألحان القبطية نشأ مع الكنيسة نفسها، فقد بدأ اللحن الكنسى مع القديس مارمرقس الرسول فى الإسكندرية التى كانت فى ذلك الوقت مركزا مهما للثقافة، وكان القديس مارمرقس نفسه مثقفا باللغات العبرية واللاتينية واليونانية، لذلك قام بإنشاء مدرسة اللاهوت التى كانت تدرس فيها الموسيقى والفلسفة والمنطق والطب والهندسة إلى جوار العلوم الدينية، وقد اشتهرت هذه المدرسة جدا فى القرن الأول الميلادي.
وتراث الألحان القبطية حفظتها الكنيسة على مدى واحد وعشرين قرنا من الزمان، وسلمته جيلا بعد جيل بـطريقة التسليم أو التقليد الشفاهي، واستطاعت أن تعبر به عصورالاضطهاد الرهيب عبر القرون الطويلة، ويعتبر حفاظ الكنيسة المصرية على الألحان القبطية التى تسلمتها من القرون الأولى للمسيحية معجزة حقيقية يشهد بها التاريخ، فقد استطاعت الحفاظ على نغمات تتحرك فى الهواء وتنتقلبين المشاعر والأحاسيس لمدة ألفى عام لم يوجد أثناءها أجهزة لتسجيل الأصوات.
ولا يقف الكتاب موقف السارد للأحداث، الناقل للنصوص، وإنما يتناول بعض المسائل الشائكة بل الصادمة أيضا بالبحث والدراسة لتخلص إلى نتيجة علمية مقنعة، على سبيل المثال تبين الكاتبة أن نشيد طلع البدر علينا لم يكن النشيد الإنشادي الأول كما هو شائع، فتقول: ” رغم اتفاق معظم المصادر، التى تناولت بالبحث موضوع الإنشاد الدينى، على أن نشيد “طلع البدر علينا” يعد أول إنشاد فى الإسلام، فإننا لا نؤمن بهذا الطرح رغم شيوعه؛ لأن هناك خلافا بين العلماء على صحة هذه الواقعة فى السيرة النبوية العطرة.
تقول المؤلفة: إن الإنشاد بدأ منذ عهد الفراعنة، مؤكدة أنه لم يكن هناك كتب تتحدث عن فن الإنشاد وحقائقه.
وأوضحت مروة البشير، أن كتاب فن الإنشاد الديني لإثراء المكتبة العربية خاصة لعدم وجود كتب حديثه تهتم بالإنشاد.
وأشارت إلى أن كتاب فن الإنشاد الديني لم يكن سهلا خاصة في توثيق تاريخ الإنشاد الديني في مصر، مضيفة أن مصر هي أول دولة عرفت الإنشاد الديني ومع انتشار المسيحية ظهرت في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الترانيم الكنسية ولما جاء الإسلام كانت قصائد المدح النبوي العمود الفقري للإنشاد وبمرو الزمن تطور حتى أصبح له أصوله وضوابطه وقوالبه.