الوصف
This post is also available in:
English (الإنجليزية)
المدينة الكبرى بعيدة، والحياة الهانئة في القرية شبه مكتملة. يعيش الشرطي ماكس فتنهوفر في رضا كامل في موطنه. هذا الرجل ذو الضمير الحي، يعرف جيداً قيمة الأمن والسلام. بصرف النظر عن ثلّة من مراهقين سكارى وبعض السيارات الواقفة خطأ، ليست هناك مشاكل تذكر، في هذه القرية الجميلة الواقعة على ضفاف بحيرة. هكذا وجب أن يستمر الحال، أن تحافظ على الهدوء والنظام في المجتمع، مهمة نبيلة وقيمة.
بالطبع، ليس هذا العالم الصغير، عالماً مثاليًّاً، ولكنه على الأقل، عالم ناجح إلى حدّ ما، وهذا مهمّ جدّاً لديه. يقدم الكاتب السويسري “لورانس لاجناجر” بطله كممثّل للقانون، اللطيف والطيّب، وتبدو قريته كمنطقة أمان كامل، في عالم متعولم مليء بالإرهاب والسّرعة. في أسلوب ظريف وبلغة هادئة، يروي لنا “لاجناجر” محاولات الشرطي وسعيه المتواصل لحماية قريته من كل آفات اليوم. كون ابنه البالغ (الراشد) يدخّن الحشيش، سبب له صدمة. وكون زوجته أيضاً دخّنت الحشيش في الماضي، يصعب على “فتنهوفر” أن يستوعب تلك الحقيقة، وأن بعضهم يطلق تسمية: “مركز الخدمات أمنيّة” على قسم الشرطة، أمر يزعجه جدّاً. تراه ماذا دهاه، عالمه الصغير الأمثل؟
بدأ قلق “فتنهوفر” يتفاقم حين وصله بلاغ الأرملة الثريّة “رامساور” : مخرّبون تركوا آثارهم عند موقف الدراجات الهوائيّة، أمام مبنى المدرسة. يأخذ “فتهوفر” هذا البلاغ مأخذ الجدّ ليجد نفسه فجأة منزلقاً في متاهات قضيّة معقدة. يجد “فتنهوفر” في المكان المفترض، علبة سجائر ملقاة على الأرض وفي داخلها مفتاح خزانة، ثمّ يكتشف أن سيارة مأجرة مشبوهة كانت واقفة في الساحة. المفتاح يقود إلى المسبح البلدي، ثمّ إلى حقيبة رياضيّة في متحف القرية، فإلى ناد ليليّ، ثمّ في نهاية المطاف، إلى زوج حذاء مطّاطيّ يحلّ اللغز.
عبر بحث الشرطي (البطل البسيط المتواضع) يتمكّن “لورانس لاجناجر” بمهارة أن يعطينا صورة شاملة عن حياة القرية حيث يعرف كل شخص الشخص الآخر، بسخرية لطيفة، يحكي عن بشر قنوعين في محيط بطيء. هذا الأمان والهدوء في القرية، يبدو للشرطي في خطر دائم. لذلك يواصل عمله حتى يوم ذكرى زفافه طوال المساء وحتى الليل، وتثمر جهوده بحيث يمكنه أخيراً حلّ القضيّة ويتنفّس الصعداء. خلف الأحداث الغريبة ليس هناك، غير سلوكيات بشر من لحم ودم. إذا تبقى القرية آمنة ويمكن “فتنهوفر” أن ينغمس في لعبته المفضل في الحاسوب.
“لورنتس لانجنيجر” يقنعنا إذن في كتابه الثالث بصياغة لطيفة لصنف “الرواية البوليسية المحليّة” في المناطق الناطقة باللغة الألمانيّة الناجح جدّاً. هذا الصنف الأدبي لا يرتكز على وصف الأحداث الواقعيّة لحلّ القضيّة، بقدر ما يرتكز على طرح دراسة للمحيط (الوسط) بأسلوب ممتع وشيّق. كذلك تعمّد “لاجناجر” على تكثيف عوامل التشويق في الجزء الأخير دون التخلّي عن الهزل المتحفّظ أو التعاطف مع أبطال الرواية. بلغة رصينة ومرنة، يروي لنا الكاتب عن المفتش ذي الخصائص المحببة للنفس في عالم مصغر يتتحدى العولمة.
عن المؤلف:
“جونتر كايل” صحفي حر وعضو لجنة تحكيم (جائزة توكان لمدينة ميونيخ وجائزة الرواية البوليسيّة لمدينة شتوتجارت) ينقد الإصدارات الجديدة ويحاور الكتاب في جريدة “جنوب ألمانية” “المرآة ” و “والعالم “.
This post is also available in:
English (الإنجليزية)