الوصف
يذكر الباحِثون أنّ ما صُنّف في السّيرة النبوية في هذا العصر، يفوق عدَداً ما وضعه القُدامى خلال قرون، وهو ما يجعل من هذا “الجنس” الجامع ظاهرةً ثقافيةً بارِزةً في الاجتِماع العربي والإسلامي الحديث.
لا ريب في أنّ هذه الظّاهرة الثّقافية في حياة العرب والمُسلِمين المُحدَثين تستأهِل تفسيراً، من أجل الوقوف على سرّ هذه العودة القويّة إلى السّيرة النّبوية، مع وفرة ما كُتِب فيها قديماً وأغلبُه مطبوع، ومُغنٍ في عرض حياة محمّد. لقد حظِيت علوم إسلامية أخرى بدراسات وفيرة ترصُد طرائق المُحدَثين في التّعامل معها، فأُفرِدت بُحوث لمكانة الحديث النّبوي في الفكر الإسلامي الحديث، وأخرى لاتّجاهات التّفسير في العصر الحديث، بل لعلّه حاز أوسَع اهتِمام. أمّا السّير النّبويّة الجديدة، فلم تحظَ على كثْرَتِها بالقَدْر نفسه من الدّرس، وما أُنجز حولَها من بُحوث يكاد يقتَصِرُ على بعض مُؤلّفات الكُتّاب العرب المِصريينَ، هيكل وطه حُسين والعقاد وغيرهم…. وعلى هذا النّحو، تُرِكت السّير الّتي صنعها الشّيعة المُحدَثون، والنّصارى العرب، وهي تصانيفُ تُبايِنُ نَمَطَ السّير الرّائجة الّتي تتّخذ من المصادر السُنّية القديمة عُمدَةً.
إنّ انعدام دراسة وافية لمُدوّنة السّيرة الحديثة، كان باعِثاً مُحفِّزاً على هذا البحث.
حسن بزاينيّة
باحث تونسي، حاصل على دكتوراه في اللغة والآداب العربية. أستاذ مساعد في الحضارة العربيّة بجامعة تونس-المنار. له دراسات منشورة في بعض المجلات العِلمية المحكّمة، منها: “مسائل الخِلاف بين أبي