الوصف
كوخ العم نجم.. كوميديا سوداء فى رواية للكاتبة فاتن الصراف، التى تجسد فيها معاناة الإنسان العراقى من السجن والحرب والهجرة على مدى ثلاثة عقود، من خلال شخصية تتبعها لشخصية “خالد” على مدار أحداث الرواية.
فى رواية “كوخ العم نجم” التى أصدرتها الدار العربية للعلوم ناشرون، للكاتبة فاتن الصراف، والتى تقع فى 176 صفحة من القطع المتوسط، تجسد الكاتبة تسلط القوى على الضعيف، وانعدام الآدمية والتوحش بشكل رهيب، سواء على مستوى السلطة السياسية أم على مستوى الأفراد اتجاه بعضهم البعض؛ فعلى مستوى الوقائع “القصة” يشكل خروج أبطال الرواية من وطنهم الأم العراق عبر رحلة عبور شاقة إلى بلد المهجر هولندا والتقائهم على أرض أجنبية نموذجاً للمعاناة المتعدية حدود الجغرافيا والتاريخ واللغة.
يتابع القارئ فى رواية “كوخ العم نجم” هروب خالد من ماكينة الموت اليومية فى بلده الأم وبحثه عن ملاذٍ آمن، وعمله فى غسل الصحون فى هولندا، وقراره باستعادة حلمه من العراق وافتتاح قاعة للفنون لعرض لوحات الفنانين.
يتعرف خالد على “فان كوخ” أو “العم نجم” الذى ظهر فى حياته فجأة ونجح فى كسر الرتابة التى كان يعيش فيها، كما عمل على تنمية مهارات خالد فى الرسم.
من خلال شخصية العم نجم تسلط الرواية الضوء من خلال أذنه المقطوعة على ما حدث له فى ليلة العشرين من سبتمبر من عام 1994، بعدما صدر قرار من مجلس قيادة الثورة فى العراق يحمل الرقم 115، والذى يسمح بقطع أذن السجناء كعلامة على عدم اخلاصهم للنظام الحاكم.
ومن خلال شخصية العم نجم، تعود بنا الكاتبة إلى الوراء لتسلط الضوء على ما تعرض له وكان سببا فى قطع أذنه، وذلك حينما فشل فى عبور الحدود العراقية الإيرانية وألقى القبض عليه من قبل جنود إيرانيين بتهمة التجسس لصالح الحكومة العراقية، وسيق إلى مخيمات الأسر لمدة ثمانية سنوات، وخرج بعدها حتى وصل إلى مخيم اللجوء فى هولندا ولم يكن يتصور يوماً أنه كان يحمل ملامح وجه “فان كوخ” التى تطابقت، كثيراً، مع ملامح وجهه بعد أن فقد نصف أذنه اليسرى فى تلك الليلة السوداء.
تتعدد الشخصيات فى رواية “كوخ العم نجم” التى تبقيها الكاتبة معلقة حتى إشعار آخر، شخصيات هاربة من ماضيها، وغير متأقلمة مع حاضرها، وقلقة على مستقبلها. فتكشف بذلك عن العجز والاغتراب والنفى الوجودى والعاطفى للذات الإنسانية عبر مراحل زمنية متلاحقة تتحدث خلالها الكاتبة عن تلك الأمراض الاجتماعية التى تنخر المجتمع من الداخل، زنا المحارم، زواج القاصرات، السلطة الذكورية، انعدام الأمن، الاعتقالات التعسفية، مصادرة الحريات، العزلة، الرعب، وغيرها من صور توثق ذاكرة كل مواطن عراقى عانى الظلم ولما يزال.
الروائي الناجح… من يترك العنان لقلمه
تعتبر فاتن أن الرواية أدب وفنّ إبداعي لاحدود له، وعلى الروائي أن يكتب دون أية قيود محاولاً إيصال فكرته. وتقول: “ليس بالضرورة أن يميل الروائي إلى نوع من الرواية دون غيره، عليه أن يكون متجدداً ويجمع بين الخيال والواقع، أنا لم أدرس الأدب لكنني أقرأ ولديّ اطلاع لابأس به على مختلف أساليب الكتابة سواءً كانت باللغة العربية أو الإنجليزية.”
وترى الصراف أنّ الروائي الناجح لا يلتزم بأسلوب معين، بل يترك العنان لقلمه للتعبير عن الفكرة التي تراوده، دون أن يضع لنفسه محدّدات قد تقيد إبداعه.
“شخصيات “كوخ العم نجم” فرضت رأيها… فلم أتمكن من التدخل!”
الى ذلك، تحدّثت فاتن الصراف عن العلاقة الخاصة التي تتشكل بين الكاتب وشخصياته، قائلةً: “الصراع الذي ينشأ بينه وبينها لا ينتهي حتى بعد أن يفرغ الكاتب من كتابة روايته، والرائع في الأمر عندما تستقل الشخصيات عن كاتبها وتقرر أن تحدد مسارها لوحدها بعيداً عن رغبته، وهذا ماحدث معي في رواية كوخ العم نجم حين فرضت بعض الشخصيات رأيها ولم أتمكن من التدخّل!”
أخيرا، تحدّثت فاتن الصراف، وهي أمّ لإبنتين، عن مشاريعها المستقبلية كاشفةً عن رواية جديدة بصدد تحضيرها: “أعمل حالياً على رواية ذات فكرة وأسلوب مختلف نوعاً ما عن الروايات العاديّة، هي رواية غرائبية تحتاج إلى جهد خاص وتركيز كبير”.
أما على صعيد عملها الهندسي، فهي منشغلة حاليا بتصميم أحد المشاريع المهمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، متمنيةً أن تتمكن من التوفيق بين مشاريعها الهندسية وكتاباتها.