كيف تَرسم الحدود الإقليمية والاجتماعية عالمنا؟ تعميق الانقسامات

عنوان الكتاب كيف تَرسم الحدود الإقليمية والاجتماعية عالمنا؟ تعميق الانقسامات
المؤلف ديدييه فاسين
الناشر Pluto Press
البلد بريطانيا
تاريخ النشر 2019
عدد الصفحات 256 

أشتري الكتاب حقوق الترجمة

الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

مع الاستقطابات السياسية المتزايدة، خاصة من قبل اليمين في أوروبا، نجد أن الانقسامات تتوسّع يوماً بعد الآخر، ويتم الحديث عن ضرورة إغلاق الحدود في وجه اللاجئين، وممارسة المزيد من السياسات التي تظهر اختلافاتهم الاجتماعية والثقافية القائمة على اختلافهم العرقي. يحاول هذا الكتاب مناقشة هذه الحالة، من خلال مجموعة مقالات حول نماذج من خمس قارات، بغية التخفيف من الانقسامات في عالم اليوم.

أظهرت أزمة اللاجئين في أوروبا كيف يتم في كثير من الأحيان استخدام الحدود العرقية والإثنية لتبرير تعزيز حدود الدولة، بغض النظر عن الكلفة الباهظة في الأرواح البشرية. ولكن هناك أمثلة أخرى، أقل مأساوية، توضح هذا التداخل أيضاً، وتُظهر في نهاية المطاف أنه من الأفضل فهم مجالات الحدود المتباينة كثيراً من خلال علاقتها مع بعضها. يستكشف كتاب «تعميق الانقسامات» هذه العلاقة من خلال العديد من وجهات النظر والسياقات الوطنية المتميزة، حيث تغطي دراسات الحالة خمس قارات، وتستند إلى الأنثروبولوجيا والدراسات الجنسانية والقانون والعلوم السياسية وعلم الاجتماع للحصول على مجموعة متعددة التخصصات.

يتألف هذا الكتاب من مجموعة مهمة من المقالات التي توضح كيف أن التمييز العنصري والجنساني والطبقي أساسي في تبرير حق الدولة في استبعاد الأفراد. يتضمن الكتاب دراسات حالة من خمس قارات ومساهمات متعددة التخصصات، ويناقش فيها الهجرة والحقوق الإقليمية في القرن الحادي والعشرين.

يجمع الكتاب بين ظاهرتين متميزتين تتم مقاربتهما عادة في مسارات منفصلة من البحث: كيف تقوم أنظمة الهجرة بتقييد الحدود الإقليمية للدول، وكيف يؤدي التمييز بين مجموعات الأقليات والتمييز ضدها إلى إنشاء حدود اجتماعية داخل الدول؟ ويأتي هذا الكتاب كجزء من سلسلة الأنثروبولوجيا والثقافة والمجتمع ضمن منشورات دار «بلوتو بريس»، وهو صادر في ديسمبر 2019 ضمن 272 صفحة باللغة الإنجليزية.

يقول الكاتب: «إن الأمثلة السابقة والحالية على تداخل الحدود كثيرة، بدءاً من قمع الرعايا المستعمرين الجزائريين في أوائل القرن العشرين إلى اضطهاد التيبتيين في الصين، والروهينجا في ميانمار، والأكراد في تركيا في الوقت الحالي».

ويضيف: «كما أن الوضع الحالي للفلسطينيين هو حالة معاصرة في هذا الصدد، مع ما نراه من تخفيض دائم لمساحة المعيشة في الأراضي المحتلة، من خلال توسيع المستوطنات، وتدمير الحقول، وبناء الجدران، وتزايد الحرمان من الحقوق المدنية لعرب 48 المقيمين منهم في«إسرائيل»، عن طريق التمييز الديني والعرقي، والذي يتم إدراجه بشكل متزايد في القانون».

يرى الكاتب أن «أزمة اللاجئين مؤخراً في أوروبا كشفت كيف أن السيطرة على الحدود بأي ثمن من حيث أرواح البشر (تم الإبلاغ عن أكثر من 15000 حالة وفاة في المتوسط بين عامي 2014 و2018) كانت مرتبطة بإعطاء الأولوية للاختلافات (الحدود) العنصرية والإثنية بدلاً من الحدود الوطنية، والتي عملت على تبرير السياسات».

ويعلق على ذلك: «لكن تاريخ الحدود المتداخلة (الوطنية) والحدود (الاختلافات العرقية) لحسن الحظ لا يتسم دائماً بصورة مأساوية، حتى لو كان لا يزال يمثل مشكلة كبيرة عندما يفكر المرء في كيفية تحرك سوق العمل والسياسات الإسكانية والمسائل القانونية، وحتى الرياضية».

يقدم المؤلف العديد من الأمثلة، يبدأ من أوروبا قائلاً: «تتسم قضية شعوب الرّوما ( الغجر) في أوروبا بأهمية خاصة، على الرغم من أنهم مواطنون من رومانيا أو بلغاريا أو هنغاريا، أي ينتمون إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أنهم يعاملون كأجانب وحتى يتم ترحيلهم أيضاً.. يظهر هذا التداخل في الانتقال بين الأجيال اللاحقة من المهاجرين القادمين مما يسمّى الجنوب العالمي، حيث يعاني أطفالهم العرقيون أو الإثنيون المولودين في البلد المضيف، من جهة الدولة والمجتمع عموماً، الحدود التي يجدونها في وجوههم من خلال عدم الاعتراف بهم كمواطنين بشكل كامل أو، عندما تفعل الدول المضيفة ذلك، فلا يكون الأمر على قدم المساواة».

«ومن المثير للاهتمام، في جيل الآباء، كان هناك احتجاج قليل على التمييز الصارخ الذي وقعوا ضحية له، لأنهم، كأجانب، شعروا أنه ليس لديهم خيار آخر سوى أن يستسلموا لوضعهم غير الشرعي، بينما في جيل الأطفال، لم يعد هناك تسامح مع التمييز، لأن هؤلاء المواطنين الفرنسيين، مثلاً، الذين ولد أغلبهم في فرنسا، أصبح من غير المنصف معاملتهم على أنهم غير شرعيين»، كما يقول المؤلف.

ويجد أن «ربط الحدود الإقليمية الوطنية والحدود العرقية-الإثنية أمر حاسم لأسباب علمية (لفهم الانقسامات العميقة في المجتمعات المعاصرة) وكذلك السياسية (بسبب الشعور بالإلحاح الناتج عن الوضع الحالي). لكن في الواقع، هذا الاتصال أكثر تعقيداً مما هو مقترح في الكتاب. من ناحية، فإن الحدود الأكثر صلة ليست بالضرورة حدود الأراضي الوطنية. يمكن أن تكون الحدود دولية، كما كانت الحال مع الإمبراطورية البريطانية، وكما هي الحال مع الاتحاد الأوروبي اليوم، وخاصة في سياق تجسيد السيطرة على الهجرة خارج الحدود، في تركيا وليبيا، والمغرب. يمكن أن تكون أيضاً على المستوى الداخلي، كما هي الحال في أيرلندا أثناء ما يسمى بالمشكلات بين القوميين والنقابيين، أو برلين، مع تقسيم المدينة فعلياً إلى قسمين خلال الحرب الباردة بواسطة الجدار، حيث بقيت الآثار الرمزية لها لفترة طويلة بعد تدميره.

من ناحية أخرى، ليست الحدود هي في الصيغة الإثنية-العرقية فقط حتى لو كان هذا مكوناً رئيسياً من حدود الدول».

كما أنها (الحدود) تنطوي على الدين، كما يتضح من الأمثلة السابقة للولايات المتحدة وفرنسا، وكذلك الطبقة والجنس والميول الجنسية. يبدو أن الطبقة الاجتماعية عنصر مهم في التمييز بين المطلوبين وغير المرغوب فيهم، وكذلك في النقاش العام حول الهجرة الانتقائية من وجهة نظر المؤلف.

يلعب الجانب الاجتماعي دوراً أقل وضوحاً، ولكن ليس أقل أهمية في الشبكات العابرة للحدود الوطنية ومراقبة الحدود، بما في ذلك العمل في الجنس والعمالة المنزلية. كما يشير الكاتب إلى أنه تم تحليل الإعاقة كمصدر للتمييز على الحدود باسم ما يُنتقد ك «التحيّز ضد المعاقين». ولكن بدلاً من معاينة هذه الحدود بشكل فردي، من المنطقي أن يتم استيعابهم من منظور متعدد القطاعات يكشف التفاعلات بين الخصائص الإثنية أو العرقية، والدين، والطبقة، والجنس، والإعاقة.

المصدر: جريدة الخليج

This post is also available in: English (الإنجليزية)

TOP