لماذا تنجح المقاومة المجتمعية؟ المنطق الإستراتيجي لحرب اللاعنف

عنوان الكتاب لماذا تنجح المقاومة المجتمعية؟ المنطق الإستراتيجي لحرب اللاعنف
المؤلف إريكا تشينويث/ ماريا ج. ستيفان
الناشر جامعه كولومبيا
البلد أمريكا
تاريخ النشر 2012
عدد الصفحات 320 

أشتري الكتاب حقوق الترجمة

الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

أصبح مصطلح السلمية المستخدم الآن ذو سمعه سيئة تدلل دائمًا على الخضوع والذل والمهانة خصوصًا مع الإصرار على استخدامه كمبدأ بدون تقديم أدلة منطقية عليه أو وسائل تكتيكة تنفيذية على الأرض تكسبه مصداقية أو مَنَعه.

ولعل اتساع رقعه الثارات ومساحة المظلومية المباشرة بين النظام والآلة القمعية مع قطاع من الشعب يجبر المسار الفكري للمظلوم على الرغبة في الانتقام دون تفكير فيتبادر إلى ذهنه الانتقام المباشر الخشن من قبيل من قتل يجب قتله، من ثبت تورطه في جرائم اغتصاب يجب أن يتم قتله، يجب التفكير في وسائل تندرج كلها تحت تصنيف “المعاناة”، بمعنى آخر نريد أن نجعل الطرف الآخر يعاني  أكثر مما نعاني فنستطيع كسره وهزيمته، وفي الواقع هذه هي فلسفة الحرب أن تجعل الخصم يعاني أكثر حتى تستطيع التغلب عليه.

إن إصدار الفتوى الشرعية لتنفيذ اختيار من متعدد يعطي القداسة لغير المقدس ويعطي الإلزام لغير الملزم ويعطي الوجوب لغير الواجب فيصبح من لا ينتهج نفس النهج آثم ومن يشكك فيه معلول في فهمه للدين، والحال كذلك على من يصدر فتوى شرعية بعكس ما هو مذكور فيحرم قتل المغتصب على إطلاقها أو يجعل من الجهاد أجزاءً وأمورًا يهيئ منها أن مهادنة الحاكم على ظلمه واجبة أو اختيار الطريق السلمي في مكافحتة واجبة شرعًا ومن يفعل غير ذلك فهو آثم.

كلا الطرفين يسقط من الحكم الشرعي على الاختيار التكتيكي ما لا يحمله الموقف من ذلك.

لنوضح الفكرة بشكل أكبر فلنفرق بين أمرين: فهم الواقع، وفهم الإسلام لاستخراج الحكم الشرعي، الخطأ يحدث عندما تصدر الفتوى قبل فهم الواقع بتجرد مما يؤثر على مسار الاختيارات المتاحة للحل، فما هو المقصود هنا هو عند قراءة الواقع علينا ألا نصدر أحكامًا مسبقة شرعية تحرف مسار الفهم أو تجبر على مسار محدد لكن لنفهم الواقع أولًا بأدواته العلمية المجردة ثم نرى رأي الشرع في هذا الواقع بعد دراسته بدون قيود الفتوى بمعنى أدق هي فتوى على بينة علمية.

هذه المقالات تناقش منهجين في التغيير – العنف واللاعنف – بطريقه سأسعي فيها إلى الاستدلال العلمي والإحصائي لنصل في النهاية إلى منطق يبني عليه اختيار عسى أن يكون على بصيرة.

الفرضية الرئيسية

ستكون الفرضية الرئيسية في هذه المقالات أن منهج التغيير اللاعنيف لديه الفرصة الأكبر في زيادة عدد المشتركين والملتحقين به بشكل أكثر من المنهج العنيف مما سجعل هذه المشاركة تغير من نتيجة المعركة في النهاية.

في كتاب “لماذا تنجح المقاومة المجتمعية؟ المنطق الإستراتيجي لحرب اللاعنف” “why civil resistance works ” للكاتبين Erica Chenoweth & Maria J. Stephan الصادر من قسم دراسات الإرهاب في جامعه كولومبيا يقول الكاتب إنه “في المجمل العام فإن حركات المقاومة اللاعنيفة أكثر قدرة على الحصول على مكاسب ونتائج وبمجرد نجاحها فإنها الأقدر على تأسيس نظام ديموقراطي سليم مع احتمالية أقل لنشوء حروب أهلية”، يستند الكاتب في قوله على إحصائية تم من خلالها دراسة الحركات التغييرية منذ عام 1900 حتى عام 2006 سواء كان منهجها التغيير العنيف أو اللاعنيف بإجمالي عدد 323 حركة مقاومة صادرة من معهد NAVCO المتخصص في دراسة حركات التغيير ليصل إلى نتائج مفادها أن حملات التغيير اللاعنيف نجحت في تحقيق أهدافها الكلية أو الجزئية مرتين ضعف الحملات العنيفة، مع إضافة أن الحملات اللاعنيفة الداعية الى الانفصال (كانفصال جنوب السودان عن الشمال) هي أقل في معدلات النجاح من نظيرتها العنيفة.

ما تعريف كلا المنهجين؟ أي المنهجين أكثر نجاحًا؟ ما عوامل نجاح الحركات اللاعنيفة أكثر من نظيرتها العنيفة؟ ما الأوضاع التي تساعد على نجاحها؟ ولماذا تنجح هذه الحركات أو تفشل؟ وهل يوجد نقاط مركزية إذا توافرت في كلا المنهجين فإنها تساعد على نجاحه؟ وما هي الأنظمة التي يمكن أن تنجح فيها حالات التغيير اللاعنيف؟

العنف واللاعنف

نقصد بالعمليات اللاعنيفة في التغيير هي تلك المنهجية التي تعتمد كل العمليات خارج الإطار الرسمي السياسي من انتخابات أو عن طريق الأحزاب أو البرلمان، فهي تسلك طريق خارج الإطار الرسمي السياسي والمؤسسات السياسية للدولة من أجل إحداث تغيير بما فيها العمليات الممنوعة حسب القانون ولها عدد غير محصور من الأشكال التغيرية ابتداءً من العمليات المؤثرة على النظام الاقتصادي أو المعتمدة على المجتمع أو تستهدف أبعاد نفسية أو أشكال سياسية أيضًا بما في ذلك من تكتيكات كالمقاطعة الاقتصادية أو الاعتصامات أو الإضرابات وخلافه من الأشكال فهي عمليات تغيير تنتهج مقاومة سلبية أو إيجابية أو تجمع بين الاثنين في نفس الوقت أحيانًا.

أما ما نقصده من عمليات عنيفة فهي تلك التي تعتمد على منهجية هي أيضًا خارج إطار العملية السياسية المرسومة ومؤسساتها هذه العمليات العنيفة تندرج تحت ثلاثة مجالات كبيرة الثورات المسلحة والانقلابات وعمليات التمرد المسلح، تعتمد هذه المنهجية في التغيير على التفجيرات المتنوعة للإضرار بالبشر أو الممتلكات العامة والخاصة أو عمليات الاغتيال والاختطاف وتدمير البنية التحتية للدولة والعمليات النوعية الخشنة المستهدفة للأرواح أو الممتلكات.

في الواقع لا يمكن القطع بشكل كامل على أُحادية المسار خصوصًا في حالات التغيير الكبرى فهي تتقاطع أحيانًا بين عمليات العنف واللاعنف لكن ما يحدد طبيعة التغيير هو السمة العامة الغالبة عليها.

This post is also available in: English (الإنجليزية)

TOP