مرافئ الروح

عنوان الكتاب مرافئ الروح
المؤلف يحيى مختار
الناشر كتاب اليوم / مؤسسة أخبار اليوم
البلد القاهرة
تاريخ النشر 2018

أشتري الكتاب حقوق الترجمة

الوصف

عظمة مصر فى تنوعها وثرائها الثقافى ، إذا أردت أن تعود للوراء آلاف السنين ستجد مصر حاضرة شامخة ، تعلم الدنيا الزراعة والصناعة ، والفنون ، وستجد حضارة فرعونية عظيمة سادت بها مصر الدنيا ، وتركت آثارها التى تجعل من يراها يقف مشدوهًا متسائلًا: كيف أبدعوا كل هذا الإبداع ، وإذا أردت أن تتحدث عن دور الحضارة اليونانية الرومانية ، فلا يمكن أن تتجاهل مصر ، ستجدها أيضا حاضرة ، مؤثرة ،مشاركة متفاعلة ، أخذًا وعطاءً وإذا تحدثت عن الديانات الثلاث السماوية ، وما صنعته فى البشرية ، وانعكاس ذلك على مجريات التاريخ الإنسانى والتراث الحضارى ، ستجد مصر دائما فى صدارة المشهد ، مصر التى احتضنت الديانة اليهودية، واحتضنت المسيح وأمه البتول مريم هربا من الاضطهاد الرومانى ، وأسست وصدّرت علوم الرهبنة إلى العالم المسيحى ، فإذا انتقلت إلى التراث الإسلامى فسوف نحتاج إلى موسوعات ، يكفى أن نردد مقولة الشيخ الشعراوى رحمه الله التى قال فيها ان مصر صدرت علوم الإسلام الوسطى إلى الدنيا كلها ، حتى إلى البلد الذى نزل فيه الإسلام .
كل هذا الذى أتحدث عنه ليس ببعيد عما أريد أن أذهب إليه فى الكتابة عن رواية “مرافىء الروح” للأديب “المقل” ، المتجذر إبداعًا وموهبة يحيى مختار ، لسبب جوهرى يتعلق بنشأة مختار النوبية، وبالخط الذى خطه لنفسه فى ابداعه بأن جند قلمه لإماطة اللثام عن عالم ساحر بالنسبة لغالبية المصريين ، وهو العالم النوبى ، وقد يتصور البعض أننى هنا أشجع النعرات ” الشيفونية ” وأعمل ضد ذوبان الجزء فى الكل ، ولكن العكس هو الحقيقة ، لأنه ،وكما قلت ، عظمة مصر تكمن فى تنوعها، مابين فلاحين وصعايده ، وبدو وحضر، فإذا نزلت جنوبا تجد النوبة وأهلها ، فإذا اتجهت صوب البحر الأحمر تجد العبابدة والبشارية، وإذا غصت فى الصحراء الغربية ستجد أمازيغ مصريين ، نعم أمازيغ ، فإذا انطلقت شمالا صوب البحر المتوسط تجد قبائل أولاد على ، كل هذا التنوع والثراء ينعكس فى إبداعات بكافة أشكالها ، مابين فنون شعبية تراثية ، ورقصات شعبية ، وحرف تراثية ، مرتبطة بالبيئة ، وليصبح كل هذا أشبه بقطع الفسيفساء الصغيرة التى تشكل مع بعضها البعض اللوحة الكبيرة الجميلة المبدعة التى تظهر تفرد مصر وعبقريتها عبر السنين .. أديبنا يحيى مختار اختار أن يركز ويمسك كشاف الرواية لينير لنا هذا العالم الساحر العبقرى لعالم النوبة ، أحلامه ، أحزانه ، إحباطاته ، انكسارته ، من خلال مفردات وجمل لا يستطيع صياغتها ونقل الإحساس الصادق بها إلا أديب ، على شاكلة يحيى مختار الذى بقى مخلصا لأهله فى النوبة ، رغم ارتحال الأسرة إلى القاهرة وهو دون الثامنة من عمره، ورغم جهله باللغة العربية ، فى تلك السن ، إلا أنه تعلمها وسبر غورها وأصبحت سلاحه فى التعبير عن الحلم النوبى ، ورغم أنه عاش جل عمره فى القاهرة إلا أنه كبقية أهل النوبة ، بقى مخلصا لتراب النوبة وأهلها ، وتحول إلى ناطق باسم الحلم النوبى هو نفسه يقول ” أعمل بروحين، روح نوبي والأخري هى روح اللغة العربية التي لابد أن أكتب بها، إن لم أكن نوبيا عند الكتابة لن أستطيع التقاط الشعيرات الطفيفة جدا من الأحاسيس والمشاعر والرؤية، فأحيانا، اشتم رائحة ما أكتب”.
يحيى مختار ليس غريبا عن مهنة الصحافة ، هو كما يقولون” ابن كار ” تخرج فى كلية الآداب من قسم الصحافة عام 1963 عمل فى قسم التوزيع بمؤسة أخبار اليوم وفضله على العمل الصحفى البحت ، وقف عند الحافة حتى لا يفقد لغته الأدبية وسط ” مفرمة ” العمل الصحفى ، نجاحه أهله للحصول على جائزة الدولة التشجيعية عام 1992 عن مجموعته القصصية “عروس النيل”وبمجرد نشرها، الذى تأخر لمدة عشرين عاما ، كتب فى العام ذاته رواية “تبدد” ومجموعة “ماء الحياة” ثم “جبال الكحل” «جدُكاب» ، ومثل بقية النوبيين تلح علي يحيى مختاردائما فى أعماله مشكلة التهجير إلى الحد الذى قد يرى البعض أنه يكرر نفسه على عكس الحقيقة ، وكما سبق وقدمنا «جبال الكحل » ها نحن نقدم «مرافىء الروح » لقراء سلسلة «كتاب اليوم ».
علاء عبد الهادي
TOP