الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
دراسات كثيرة تناولت تأثير الموسيقى في المزاج النفسي للإنسان، وكثيرة أيضاً الدراسات التي تناولت أثر المعمار، وأخرى تحدّثت عن تأثيرات الأشخاص الذين يرافقوننا. معظم هذه الدراسات ظلّت منحصرة في مجالات بعينها؛ علم النفس، دراسات حول الموسيقى أو المعمار، لكن تأثير الجو الذي يحيط بالإنسان على قراراته وخياراته لم يظهر كمبحث في مجالات شمولية أكثر مثل الفلسفة والأنثروبولوجيا.
هذه الملاحظة يسوقها الباحث الفرنسي بروس بيغو في كتابه ” مفهوم الجو العام” الصادر عن منشورات “سوي” ضمن سلسلة “النظام الفلسفي” حيث يستغرب كيف يُنسى مفهوم في حين أن حياتنا تدور ضمنه، وبعبارة فلسفية يمثل الجو العام أحد فضاءات سكن الكينونة، في استعارة لمقولة هايدغر بأن اللغة هي بيت الكينونة.
يقدّم بيغو مقاربة متنوّعة التخصّصات، فهو يعتمد أساساً على أدبيات الفلسفة، الفينومينولوجيا أساساً، لكنه يتخطّاها إلى مناهج من تاريخ الفن والأنثروبولوجيا والإيكولوجيا، حيث يوضّح كيف ينتقل الإنسان بين مجموعة من “الأجواء العامة”؛ من فضائه الحميمي الأول؛ غرفته أو بيته إلى مجموعة العلاقات الأسرية أو الصداقات، وصولاً إلى الفضاء العمومي في مدينته حيث يسود مزاج يتقاسمه مع بقية مواطنيه، كما أنه يتقاسم جواً عاماً مع جميع من يعاصرونه، فمثلاً من منا لا يعيش تحت مقولات التلوّث أو الاستهلاك.
يشير بيغو إلى تحوّلات في علاقة الإنسان بالجوّ العام، وأن الضغط الذي بات يمارسه الفضاء العمومي بات يدعو إلى استثمارات أوسع في العالم الحميمي، وهو ما دعا إلى تطوير الكثير من التكنولوجيات التي تؤثث هذا الفضاء، أبرزها شبكات التواصل الاجتماعي أو منصّات الأفلام والمسلسلات.
عُرف بيغو (1967) بأنه أحد الباحثين الذين يصطادون المواضيع غير المطروقة، فقبل “مفهوم الجو العام”، كان قد نشر أعمالاً طريفة أخرى مثل: “اكتشاف اليومي”، و”المحطة الجوية: يوميات حول المطار”، و”حول الانحطاط العادي”، و”التراكم البدائي للسواد”.
This post is also available in: English (الإنجليزية)