الوصف
مقدمة في علم الاستغراب
مقدمة في علم الاستغراب يمثل في حقيقته مشروعاً للتراث وللتجديد في نفس الآن. ويقول الدكتور حسن حنفي عن مشروعه هذا بأنه يتكون من جبهات ثلاث: الموقف من التراث القديم، الموقف من التراث الغربي، الموقف من الدافع (نظير التفسير) ويحاول الباحث من خلال هذا المشروع الذي يحمل اسم علم الاستغراب، أن ينقل الخطابة السياسية التي تعود عليها جيلنا إلى مستوى الخطاب العلمي الرصين، فما كان محاولة منذ فجر النهضة العربية الإسلامية الحديثة وما قامت باسمه حركات التحرر الوطني وما روج له القادة السياسيون باسم « فلسفة الثورة » « الوجدانية » « الزنجية »…. الخ.
هو الذي يحاول علم « الاستغراب » صياغة دقيقة له، مع الاعتراف كليا بأن علم « الاستغراب » ليس فقط علماً نظريا بل هو ممارسة عملية لجدل الأنا والآخر، تحرر الأنا ثقافياً وحضارياً وعلمياً من هيمنة الآخر.
بعبارة أخرى يمثل مشروع الدكتور حنفي إعادة تقييم مذاهب الآخر ابتداءً من مقولات الأنا، وإعادة بناء اتجاهات الآخر العقلانية والتجريبية وفلسفات الحياة بناء على تراث الأنا، واستعمال تراث الآخر كعلوم للوسائل، واستعمال تراث الأنا كعلوم للغايات والمفكر يستقرأ ذلك بروح الفقيه القديم الذي يعي موقف حضارته بين الحضارات، يتمثل الأولى وينتقد الثانية، ويبدع مرتين في تأصيل الذات، وفي الاستقلال عن الآخر.
وبالعودة إلى محتوى الكتاب، نجد انه جاء ضمن فصول ثمانية دارت حول النقاط التالية: أولاً ماذا يعني علم الاستغراب في مقابل الاستشراق، ثانياً تكوين الوعي الأوروبي إثباتاً لتأريخيته وبأنه ليس وعياً عالمياً يمثل جميع الحضارات بل هو وعي خاص في ظروف خاصة تكون عبر القرون على مراحل عدة شكلت تلك المراحل النقاط اللاحقة التي تناولها المفكر بالدراسة وهي: مرحلة المصادر من القرن الأول حتى السادس عشر، مرحلة العقلانية من القرن السابع عشر والثامن عشر، مرحلة الذروة التي بلغها الوعي الأوربي في القرن التاسع عشر لتبدأ مرحلة نهاية البداية في النصف الأول من القرن العشرين، متبوعة ببداية النهاية في النصف الثاني من القرن العشرين، ثم ليتناول بعد ذلك بنية الوعي الأوربي حيث يكشف البنية الداخلية التي تراكمت عبر هذا التكوين منذ القطيعة المعرفية في عصر النهضة كرد فعل على المعطى الديني القديم ثم محاولة تغطيه الواقع العاري بوجهات نظر إنسانية خالصة هي المذاهب الفلسفية التي تولد بعضها عن البعض الآخر طبقاً لقانون الفعل ورد الفعل، ثم حدوث بنيه ثلاثية في رؤية الظواهر، صورة مجردة أو حسية، مادية أو حيوية إرادية، ثم انتقال الوعي الأوربي من التوحيد بين الواقع والقيمة في البداية إلى الفصل بينهما في النهاية.
والنقطة الأخيرة التي تم تناولها دارت حول مصير الوعي الأوربي، جدل الأنا والآخر وعلاقة الأنا بالآخر العكسية عبر المسار التاريخي ليتحدث الدكتور حنفي بعد ذلك عن مظاهر الأمل في الوعي الأوروبي، وفي وعي العالم الثالث، وعما إذا كان هناك مظاهر ردة وانكسار في وعي العالم الثالث مختتماً الكتاب بخاتمة حاول من خلالها المفكر نقد ذاته ومشروعه وعمله قبل أن ينتقده الآخرون. عبرت تلك الخاتمة عن وعي للمفكر لزلاتة ولثغرات كتابه وحتى تفكيره
مقدمة في علم الاستغراب
للمزيد من الكتب.. زوروا منصة الكتب العالمية