الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

كُتب الكثير عن تشيرنوبل بالإنكليزية، ومن الكتب التي صدرت حديثًا عن الكارثة كتاب آدم هيغنبوتهام “منتصف الليل في تشيرنوبل” Midnight in Chernobyl (منشورات ترانسوورلد، 20 جنيهًا إسترلينيًا) الذي يبدأ بتمهيد حول الطاقة النووية يصف فيه نواة الذرة بأنها “مكثفة إلى حد لا يمكن تخيّله، وكأن ستة مليارات سيارة ضُغطت في حقيبة سفر صغيرة”.

تقول صحيفة “دايلي تلغراف” في مراجعتها الكتاب إن المؤلف أمضى 12 سنة يتقصى مادة كتابه، بما في ذلك إجراء مقابلات مطولة ودراسة مواد أرشيفية، بعضها لم تُرفع السرية عنه إلا أخيرًا. فجاءت قصته مشفوعة بمعطيات ملموسة.

كان الاتحاد السوفياتي رائدًا في مجال الطاقة النووية. وبحلول عام 1950، بلغ عدد العاملين في مناجم استخراج اليورانيوم 700 ألف شخص. وفي عام 1972، وُضع الأساس لبناء محطة تشيرنوبل، التي بحلول عام 1985 أصبح فيها أربعة مفاعلات. وكان من المخطط إضافة مفاعلين آخرين. شهدت المحطة حادثًا في عام 1982، لكن جهاز المخابرات السوفياتية “كي جي بي” تستر عليه كما تستر على حوادث نووية سابقة، “لمنع ترويج شائعات استفزازية هدفها إثارة الذعر”.

ينتقد المؤلف بشدة عدم كفاءة المسؤولين عن السلامة في محطة تشيرنوبل، حيث كان يُقال للعمال إن الإشعاع ليس مؤذيًا، بحيث يمكن وضعه على الخبز كما توضع الزبدة. وبحسب هيغنبوتهام في كتابه، فإن ضابطًا يعمل في غواصة نووية سوفياتية إرتاع حين رأى حجم المحطة وأجهزتها العتيقة. وفي عام 1980، لاحظ مكتب التصاميم النووية المركزي وجود تسعة عيوب تصميمية كبيرة في مفاعلات تشيرنوبل.  

كان الكرملين بطبيعته ميّالًا إلى السرية. وعندما وصلت السحابة المشعة إلى إسكندينافيا في 26 أبريل، أكدت السلطات السوفياتية للسويد أن لا علم لها بوقوع أي حادث نووي داخل الاتحاد السوفياتي. وفي اليوم التالي، نشرت وكالة أنباء تاس السوفياتية بيانًا من 23 كلمة، قالت فيه إن حادثًا وقع ويجري التعامل معه. وتجاهلت صحف موسكو الخبر، لكن صحيفة “نيويورك بوست” صدرت بمانشيت يقول “موت 2000 شخص في كابوس نووي”… ثم انتشر الخبر.

استشاط الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، الذي تسلم مقاليد السلطة في مارس من ذلك العام، غضبًا، حتى إنه قال في اجتماع عقده المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي: “لا أرى ما يشير إلى أنكم خرجتم بالخلاصات الضرورية، بل يبدو أنكم تحاولون التستر على كل شيء”.

يتفق المؤلف مع الرأي القائل إن تشيرنوبل أطلقت تفاعلًا متسلسلًا دمّر في النهاية الاتحاد السوفياتي، لأن الكارثة “حطمت نهائيًا الوهم القائل إن الاتحاد السوفياتي قوة عظمى مسلحة بتكنولوجيا تقود العالم”.

أدت الكارثة إلى كبح مشروعات نووية في العالم. وفي الأشهر الاثني عشر التي أعقبت الحادث، تعهدت السويد والدانمارك والنمسا ونيوزيلندا والفلبين بالتخلي عن برامجها النووية، وألغت تسع دول أخرى بناء مفاعلات جديدة، أو أرجأتها.

صرفت الولايات المتحدة النظر عن أي مشروعات لبناء محطات نووية جديدة حتى عام 2011، عندما أعلنت أوكرانيا بناء مفاعلين جديدين في موقع ليس بعيد عن تشيرنوبل. لكن حادثًا وقع في مارس من ذلك العام في محطة فوكوشيما النووية في اليابان. 
لم يسقط ضحايا، لكن أُجلي 300 ألف شخص، وستبقى المنطقة المحيطة ملوّثة عشرات السنين. وأوقفت اليابان مفاعلاتها الباقية، فيما أغلقت ألمانيا 8 مفاعلات من أصل 17 مفاعلًا، وقالت إنها ستغلق المفاعلات الباقية بحلول عام 2022. وأُلغيت خطط بناء مفاعلات جديدة في الولايات المتحدة، أو عُلقت.

لكن الرهان على الطاقة النووية مستمر، على الرغم من هذه الكوارث، كما تلاحظ “دايلي تلغراف”، مشيرة إلى مشروعات من اقتراح وتمويل بيل غيتس والحكومة الصينية لبناء مفاعلات من الجيل الرابع تعمل بالثوريوم المتوافر بكميات أكبر من اليورانيوم. وستكون هذه المفاعلات أرخص وأصغر وأعلى كفاءة وأكثر أمانًا من المفاعلات السابقة، ويمكن أن تنقذ العالم من كارثة الاحتباس الحراري.

إيلاف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

TOP