نار حيّة. قصة حب ميلينا يسنسكا

عنوان الكتاب نار حيّة. قصة حب ميلينا يسنسكا
المؤلف الويس برنتس
الناشر  Beltz & Gelberg
البلد ألمانيا
تاريخ النشر 2016
عدد الصفحات 240 

أشتري الكتاب حقوق الترجمة

الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

“إنها نار حيّة، كما لم أر مثلها من قبل”، كتب فرانتس كافكا عن ميلينا يسنسكا في أيار 1920، حينما كانت تسكن فيينا. لقد تعرّفا على بعضهما قبل ذلك بسنة في براغ، إذ ترجمت “فنانة الحياة” الشابة نصوص كافكا إلى التشيكية، وقد أعقبت ذلك مراسلات مثيرة بينهما والتي تطوّرت الى قصة حب. كانت ميلينا يسنسكا تعيش في براغ من كتابتها الصحفية، ومع أنها كانت تعيش بضيق مادي، إلا أن المهنة مكّنتها من الحصول على دخل شهري يسد حاجاتها الأساسية؛ وقد حصّلت هذا الوضع المعيشي بفضل كفاحِها وجَلَدها. لذا لم يكن مَدْح كافكا لشجاعتها، لذكائها و”قوّتها المعطاءة للحياة” دون سبب.
بالرغم من ذلك لم تستمر قصة حبّهما، ﻷنها آثرت التعامل مع الواقع على الكتب، في الوقت الذي لم ير الكاتب الهشّ والحسّاس جدًا في رسائله وأدبه أكثر من أماكن للهرب واللجوء. إن ساعتين من الحياة أكثر قيمة من صفحتين مكتوبتين، هكذا ردت عليه، كما يروي الويس برنتس في هذه السيرة الذاتية. يعود الفضل في شهرة ميلينا يسنسكا بعد مماتها الى البحث الأدبي والأكاديمي حول كافكا. حوّلت مجموعة “رسائل إلى ميلينا” لكافكا المرأة الثائرة إلى أيقونة أدبية. استمرت العلاقة بين ميلينا و”فرانك” – كما كانت تدعوه بسبب خطّه الغير مقروء – حتى بعد انتهاء قصة حبهما، فقد سلّمها الكاتب يومياته وكتبت به تأبينًا مرهفًا بالمشاعر بعد مماته في 1924. بقيت إذن بعض المواد عن كافكا بفضل ميلينا وقُربها الأدبيّ منه. إلا أن هذه الشهرة المتعلقة بكافكا كانت بمثابة عبء عليها كذلك، كما يشدّد كاتب سيرتها الويس برنتس في عدة مواضع.
وذلك ﻷنه بعيدًا عن فصلِ حبّها القصير مع الكاتب الذي كان يكبرها بثلاثة عشر سنة عاشت ميلينا يسنسكا حياة كثيفة جدًا ومفعمة بالتجارب التي تعكس خطوط الصراع العريضة للقرن العشرين بشكل نموذجي. كانت الكاتبة التي ولدت في 1896 جزء لا يتجزء من الحلقات الأدبية والثقافية في عاصمتين، سطع نجمها واشتهر اسمها كصحفية، قدمت تحليلاً للعلاقات المتغيّرة بين الجنسين، تسيّست وناضلت ضد الفاشستية في اوروبا.
يبدو أن هناك اهتمامًا خاصًا عند الناقد الأدبي والفيلسوف الويس برنتس بشخصيات مقاوِمَة، إذ أن نطاق السير الذاتية التي ألّفها يحتوي على شخصيات من هرمان هيسه وحنا آرندت الى اولريكه ماينهوف وبولُس (وأَصدر في 2010 الانثولوجيا بعنوان “الأبناء الثائرين”). ويصوّر الآن من خلال كتابه “قصة حياة ميلينا يسنسكا” شخصية ثائرة مفعمة بالطاقات، ومن شأن هذه السيرة أن تكون مصدرًا غنيًا بالمعلومات للبالغين والناشئين بنفس القدر.
يروي برنتس بنبرة دقيقة وحسّاسة، ولكن مع حدّ ادنى من الموضوعية لكي لا تظهر كشغفة بالمشاعر، يروي طُرُق حياة هذه الإبنة التي لم تتكيّف جيّدًا مع محيطها: لم تَثُر ميلينا يسنسكا ضد أبيها أستاذ الطب الجامعي وحسب، بل عارضت تقاليد عالمٍ آخذٍ بالتلاشي، مارست الرياضة، سافرت وجالت، كانت واثقة بذاتها وواعية، تزوّجت من مثقّف يهوديّ (مما أثار الهول بنفس أبيها الذي كان قوميًّا تشيكيًّا) وأصبحت في شبابها لفترة قصيرة شيوعيّة. كان ذلك مؤقتًا ﻷنها سُرعان ما ضاقت باتباع التعليمات الصارمة للنشر والتَصرّف التي أصدرها رِفاقُها ذوو الهوى السوفياتي.
تضع سيرة برنتس الذاتية قصّة ميلينا في سياق حقبتها التاريخية بشكل مسهب ومبسّط: سقوط المملكة الاوسترو-مجرية، الحرب العالمية الأولى، تعاظم قوة القوميين التشيكيين في براغ، تأسيس الجمهورية، القومية-الاشتراكية المدمّرة (بداية من خلف الحدود). قد يبدو كل هذا وكأنه درس مُملّ وجافّ في تاريخ، إلا أنه يُروى هنا بشكل جَليّ وواضح من خلال قصة حياة جذّابة ومثيرة.
وهذا صحيح تحديدًا بالنسبة للسنوات الأخيرة من حياة الصحفية-الناشطة: فقد زارت في 1938 – قبل التوقيع على اتفاقية ميونخ بقليل – مقاطعة السوديت (التابعة لتشيكيا في آنه)، رصدت أحوال الألمان السوديتيين النازيين عن كثب وكتبت تقارير مؤثّرة في صحيفتها حول ذلك. تم اعتقال ميلينا في تشرين الثاني 1939 بعد احتلال النازيين لما تبقى من تشيكوسوفاكيا بتهمة الضلوع باعمال حركيّة سريّة. بالرغم من اعلان براءتها في المحكمة في دريزدن، إلا أن النازيين وضعوها قيد الاعتقال الاستباقي، ورحّلوها بعد ذلك بمدةٍ قصيرةٍ إلى معسكر الاعتقال رافنزبرك حيث توفت في 1944.
تصف رسائلها من معسكر التركيز كم كانت مشتاقة إلى ابنتها وإلى والدها وبراغ كذلك. “كانت تشدّد ميلينا في كل رسالة على أنها بصحة جيدة وأنه لا سبب للقلق عليها” يكتب برنتس “طبعًا، لم يكن ذلك صحيحًا”. وتسجّل هذه السيرة التزام ميلينا بشجاعتها وبحبها لمساعدة الغير من خلال شهادات نساء شاركنها الاعتقال في المعسكر واللواتي طالما تعجّبن من “طلّتها الجريئة”. “لقد عاشت آثرة لنفسها وحياةً مبذّرةً، ولكنها كانت دائمًا مستعدّة لتحمل نتائج تَعَطُّشها للحياة”، يكتب ألويس برنتس في خلاصته. إنها حياة مرويّة بكل تألق، ذات كثافة مؤثرة لزمنٍ مديدٍ جدًا.

عن المؤلف:

ولد الويس برنتس في عام 1958 في فُرمانزكوِك (بافاريا)، درس الأدب والفلسفة. عمل حتى 1994 كصحفي وكتب نصوص علمية. يعيش ككاتب حرّ بالقرب من ميونخ.

This post is also available in: English (الإنجليزية)

TOP