هذا الكابوس الذي لا ينتهي

عنوان الكتاب هذا الكابوس الذي لا ينتهي
المؤلف بيير داردو

وكريستيان لافال

الناشر  la decouverte
البلد فرنسا
تاريخ النشر 20 janvier 2009
عدد الصفحات 497

أشتري الكتاب حقوق الترجمة

الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

هذا الكابوس الذي لا ينتهي

كيف قدّر للقوى الاقتصادية في الغرب المسؤولة أساساً عن نشوب الأزمة المالية في سنة 2008 أن تخرج منها رابحة، على رغم أنها كانت واحدة من أخطر الأزمات المالية العالمية منذ الكساد الكبير في عام 1929؟ وكيف يمكن تفسير كون الليبرالية الجديدة، أو النيوليبرالية، المسؤولة عن تلك الكارثة الاقتصادية، ما زالت تزداد قوة وتغولاً في الدول الغربية، ويزداد طغيانها الإيديولوجي، وتتكرس أوهامها في التسيير والتدبير في بعض أكبر الاقتصادات العالمية، بدلاً من أن تكون الأزمة دليلاً آخر على أن هذه النيوليبرالية تحمل في طياتها بذور انهيارها الذاتي؟ هذا ما يثيره المؤلفان الفرنسيان بيير داردو وكريستيان لافال في كتابهما الصادر مؤخراً تحت عنوان: «هذا الكابوس الذي لا ينتهي»، حيث يحاولان البرهنة على أن النيوليبرالية ليست فقط مجرد نظرية أثبتت فشلها وإخفاقها، بل هي في الواقع أيضاً نموذج من نماذج ممارسة الحكم وتسيير شؤون المجتمع، يقدم نفسه، حتى لو لم يقل ذلك صراحة، بديلاً ونقيضاً للديمقراطية، بل ويهزم الديمقراطية، بحسب ما يقول العنوان الفرعي -وربما الحقيقي- للكتاب.
ولو لم تكن النيوليبرالية إيديولوجيا حقاً لما بقي لها وجود بعد تلك الأزمة المالية، لأن العالم قد رأى عملياً المآلات الاقتصادية الفاجعة التي أدت إليها سياسات انفلات السوق وتغول رأس المال المالي، وانفجار فقاعات الاقتصاد النيوليبرالي واحدة بعد الأخرى، لعدم استنادها في الواقع على أي سند من قطاعات الاقتصاد الحقيقي، ولكن على رغم ذلك خرج عتاة دعاة النيوليبرالية المتوحشة من الأزمة مرفوعي الرأس تقريباً بدليل استمرار كثير من ممارساتهم المالية والاقتصادية في أميركا وأوروبا، ولم تتحقق في النهاية تلك التنبؤات التي أطلقها خبراء وعلماء اقتصاد تحدثوا مع نشوب الأزمة عن موت الليبرلية الجديدة، والليبرالية المتوحشة، وغير الملتزمة اجتماعياً وسياسياً تجاه الشرائح الشعبية، بل المتخففة من أعباء والتزامات القطاع العمومي بوجه عام.
ويحاول المؤلفان في عملهما الواقع في 252 صفحة حشد كل الأدلة الممكنة على أن النيوليبرالية ليست سوى فكرة وثوقية dogme يتعصب لها بعض الإيديولوجيين، وتدعمها بعض قوى عالم المال الأكثر تنفذاً وقوة وسطوة، ويحاول الطرفان فرضها على المجتمعات الغربية، وجعلها نظاماً اقتصادياً وسياسياً قائماً بذاته، بما يفرض على النظم القانونية والتشريعية التكيف معه، والإذعان لإملاءاته، تماماً كما يتعين على الشعوب، وخاصة الطبقات الشعبية تجرع ما يفرضه عليها هذا النظام النيوليبرالي من صور البؤس والتقتير وسياسات التقشف في تمويل الخدمات والقطاع العام. وهذا ما جعل الأزمة المالية الأخيرة بداية عهد جديد من النيوليبرالية، من خلال استدامة سياسات تزيد الفقراء فقراً والمحرومين حرماناً من دون أن تمتد سياسات التقشف والتقتير إلى ترشيد الممارسات النيوليبرالية نفسها في الاقتصاد، بحيث تسعى لترويض جموحها وجشعها وتغولها وشهيتها المفتوحة وفوضاها المالية غير المحدودة. وفي الأخير يرى الكاتبان اللذان تكتسي نبرتهما مسحة يسارية لا تخطئها الملاحظة، أن انفلات قواعد السوق الرأسمالية، وترك الحبل على الغارب لليبرالية الجديدة، وجعلها بمثابة مدونة إرشادية ونظام حكم، كل ذلك من شأنه أن يدق المسمار الأخير في نعش الديمقراطية نفسها كنظام سياسي وخيار شعبي وطريقة في فهم وتسيير وتدبير أمور الشأن العام. وهذا ما يقتضي النضال في فرنسا -وأوروبا والغرب عموماً- ضد النيوليبرالية وقوى الأوليغارشية الداعمة لها، والعمل على وقف وكف ضررهما في مجال السياسة والاقتصاد، على حد سواء.

This post is also available in: English (الإنجليزية)

TOP