الوصف
This post is also available in:
English (الإنجليزية)
ربيع البربر
تمت الترجمة من خلال العربي للنشر والتوزيع
“يتحول الإنسان إلى حيوان عندما يتعلق الأمر بمدخراته”.. هي الجملة الأكثر تأثيرًا في رواية “ربيع البربر” للكاتب السويسري يوناس لوشر، والتي اختارها ناشره “العربي للنشر والتوزيع”، ليضعها على غلاف النسخة العربية التي ترجمتها علا عادل، لتنقل حكاية كتبها رجل اعتاد بلده الحياد بينما يضع طغاة وسارقي العالم أموالهم آمنة فيه بينما يحترق الفقراء؛ وما بين الرأسمالية المتوحشة والرؤية الغربية للبربر، تأتي حكاية لوشر، الذي يكشف من وجهة نظره عن البربر الحقيقيين، عندما تفلس الدول الكبرى، وتُصبح أوراق النقد أشبه بأوراق اللعب.
في روايته التي تقع في 190 صفحة يحكي لوشر عن برايزينج، الوريث الثري لمجموعة من المصانع السويسرية التي تحمل اسم عائلته بريكسينج، والذي يُسافر إلى رحلة عمل وتلبية لدعوة بقضاء أسبوع في صحبة رجل أعمال تونسي هو سليم مالوخ وابنته المرأة قوية الشخصية سعيدة التي تُدير منتجعًا سياحيًا في واحة تشوب، الواقعة جنوب تونس بمنطقة البربر، والذي يرتاده الطبقة المترفة من السياح الأجانب.
يتجول القارئ في حكاية لوشر الذي جعل من بطله السويسرى راويًا عليمًا، وهو في الوقت نفسه أقرب إلى المتفرجين، فهو رجل ثرى ورث مصنعًا لا يدري عنه ما يعلمه مساعده، المدير النافذ والمخترع الذكي برودانوفيتش، الذي استطاع إنقاذ المصنع، وزيادة أرباحه.
منذ الصفحات الأولى يقدم لوشر لقارئه نموذجًا لثري لا يفعل شيئًا تقريبًا سوى الحكى، فالبطل برايزينج لم يتزوج، ودرس إدارة الأعمال، ودرس أيضًا الموسيقى لفترة وجيزة، هو بشكل ما مجرد واجهة للمؤسسة العملاقة التي يديرها برودانوفيتش، بل إن اقتراح السفر إلى تونس كان من أفكار المدير العبقري؛ لتتحول رحلة الثري السويسري الذي يكتفى بالدهشة والتأمل، إلى شهادة على انهيار وإفلاس الرأسمالية؛ فتأتي الشخصيات بعد ذلك مُقسّمة بناء على الثراء والمستوى الاقتصادي، وهنا تظهر سمات رجال الأعمال والمال المشتركة، سواء كانوا من تونس أو من أوروبا أو أي مكان آخر، فنرى مالوخ الثري، ووكيل مصانع تجميع برايزينج في تونس، وابنته سعيدة، المرأة العملية، اللذان لا يختلفان كثيرا في طبيعتهم الشرهة للمال عن أي رجل أعمال قدمته السينما المصرية في أفلامها، وحكى برايزينج لصديقه عن رجل أعمال تونسي عرض بناته على برايزينج، ليختار منهن من يشاء، حتى يحصل على توكيل تجميع منتجات الشركة السويسرية العملاقة.
تفتح رحلة برايزينج للاستجمام في المنتجع الذي يحمل اسم “ألف ليلة وليلة” بابًا يُعرّفه على جيل جديد من الأثرياء الشباب الإنجليز، الذين يعملون في أكبر البنوك الأوروبية، حيث يجتمع أكثر من سبعين منهم في المنتجع، للمشاركة في حفل زفاف أصدقائهم مارك وكيلي، وبينما لا يشغل بال هؤلاء الشباب سوى الحياة المرفهة التي بدت في حفل الزفاف الصاخب، يأتي في المُقابل نموذجين من الجيل القديم في أوروبا يمثله والدا العريس، هما ووالده سانفورد عالم الاجتماع، الذي يتأمل ويحلل تلك القفزات المادية السريعة التي لا تستند إلى أساس متين أو وعي بالآخر أو المستقبل، ووالدته بيبا المدرّسة عاشقة الشعر.
وسرعان ما تأتي حقيقة الانهيار الرأسمالي المرعبة كما يتخيلها لوشر في ذروة النشوة والبهجة بعد الحفل الأسطوري، عندما ينهار الجنيه الإسترلينى، وتنهار على إثره البنوك البريطانية، لتعلن بريطانيا إفلاسها، لتقع الصدمة على أولئك الإنجليز الذين يحتفلون في المنتجع التونسي بزفاف صديقهم. فجأة أموالهم لم تعد تساوي شيئًا، والبنوك التي كانوا يعملون بها قامت بفصلهم، وسعيدة -المرأة العملية للغاية- تطلب منهم المغادرة، بينما تحولت المائدة العامرة بالطعام إلى إفطار فقير؛ ويظهر سقوط قيمة أوراق النقد كسقوط أوراق التوت، التي تفضح سلوكًا وحشيًا يتجسد في مشهد أسطورى بربرى عندما يقتلون رشيد الشاب التونسي مراقب حمام السباحة، ويذبحون جملًا وكلابًا، ويشعلون النيران لطهي وجبة خرافية، وتلتهم النار النخيل والبلح، بقيادة أحد كويكي الذي كان يعمل مرتزقًا في شركة أمن خاصة بالعراق، ليتحول حفل الرأسمالية المتوحشة إلى محرقة تلتهم الجميع؛ ويترتب على هذه الفوضى المادية فوضى أخرى اجتماعية تقود إلى مأساة إنسانية؛ ويروي لوشر بعيني برايزينج مالا يُصدق، كما فعلت الفتاة الشابة جينى التي تقيم علاقة مع عالم الاجتماع العجوز سانفورد، الرجل الذي كان يتوقع الانهيار ورغم ذلك صدمته الكارثة، فانتهت علاقته مع زوجته التي تحفظ شعرًا لا يسمعه أحد.
وكما يسخر لوشر من أثرياء الحفل يسخر من برايزينج الثري الذي يروى الحكاية وكأنه يروى فيلمًا، محتفظًا بتبرير جاهز لسلبيته الدائمة -والتي بدت في اعتماده على الآخرين في كل شيئ- مرة بدعوى التأمل، ومرة لأنه لايريد أن يحرج مضيفته القاسية، وثالثة اعترافًا بعجزه، حتى بعد أن اكتشف أنهم يستخدمون أطفالًا فقراء من دارفور في مصنع تجميع أجهزة شركته في تونس؛ ليبدو حقًا ما يمثله برايزينج من حياد سويسرا كمستودع لأموال أثرياء العالم، مهما كان مصدرها؛ ليظهر في الرواية منطق المؤلف نفسه، الذي يرفض أن يكون المال هو الحقيقة أو معيار وزن البشر، ويمقت الأرباح الوهمية، والمضاربات العشوائية، والحياة الاستهلاكية التي لن تؤدى إلا إلى الانهيار الشامل؛ فبينما الرأسمالية تستحوذ على الأسواق، وعلى المستهلكين، وتبيع كل شىء، لايبقى للآخرين سوى مصانع للتوكيلات وللتجميع بأرخص الشروط.
وفي ثنايا الرواية نقرأ..
كانوا يتبادلون النكات عند البار، ثم يختفون…. وفي خيامهم المكيفة كانوا يصدرون التعليمات إلي أفراد الخدمه بكل ثقه، أو يتجولون بين أشجار النخيل يطلقون اللعنات، وهم يبحثون عن أستقبال أفضل لأجهزة التليفون ماركه بلاك بيري التي يحملانها، وإذا تحتم عليهم رواتبهم أن يكونوا متاحين في أي وقت وكل مكان.
تعجب برازينج من أن يتحمل الوضع المالي في لندن غياب خمسين من الكفاءات الشابه.
ولكنه فكر أنه ربما لم يعد بالإمكان إنقاذ شيء، واختار هؤلاء أن ينجوا بأنفسهم في هذا المكان.
المصدر: البوابة نيوز
ربيع البربر
https://old.booksplatform.net/ar/product/%D9%87%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9/
https://old.booksplatform.net/ar/product/hamlet/
https://old.booksplatform.net/ar/product/katia/
https://old.booksplatform.net/ar/product/antkash-alantfadh-al3rbyh-a3rad-mrdyh/
This post is also available in:
English (الإنجليزية)