الاختلاف الديني في عصر علماني

عنوان الكتاب الاختلاف الديني في عصر علماني
المؤلف صبا محمود
الناشر  مركز نماء للبحوث والدراسات
البلد الرياض
تاريخ النشر 2018
عدد الصفحات 356

أشتري الكتاب حمل الكتاب

الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

الاختلاف الديني في عصر علماني

تمت الترجمة من خلال مركز نماء للبحوث والدراسات

برز الشرق الأوسط خلال العقود القليلة الماضية باعتباره مركزًا لتصاعد العنف بين المسلمين والمسيحيين والأقليات الدينية الأخرى.

وإذ تنزع وسائل الإعلام الغربية السائدة إلى إظهار ذلك على أنه نتاجًا للصراعات القديمة والتعصب الإسلامي المتأصل، فإنه حتى أولئك الناقدين لهذا التفسير يساورهم مع ذلك قلقٌ بشأن إمكانية اختفاء التنوع الديني الذي تميزت به المنطقة لقرون عديدة.

ولم يشتد هذا الخوف إلا بعد النزوح الأخير للمسيحيين واليزيديين من دول مثل سوريا والعراق في أعقاب الحروب الأهلية التي دمَّرت البلدين.

وفي هذا الكتاب أحلل الوضع المتقلقل للأقليات غير المسلمة في الشرق الأوسط الحديث، مع تركيز خاص على المسيحيين الأقباط الأرثوذكس، وبدرجة أقل، على البهائيين في مصر.

يُعد الدين البهائي جديد نسبيًّا في مصر بينما يعود تاريخ المسيحيين الأقباط الأرثوذكس إلى القرن الأول حينما نقل مرقس الرسول الديانةَ المسيحية إلى أرض الفراعنة والوثنيين.

وباعتبارهم يمثلون أكبر أقلية مسيحية في الشرق الأوسط، احتل المسيحيون الأقباط مكان الصدارة في تأريخ القومية المصرية نظير مساهماتهم في مقاومة الاحتلال البريطاني الاستعماري إلى جانب المسلمي

. ورغم الاعتراف الكبير بمساهماتهم في النضال المصري المناهض للاستعمار، إلا أنه في فترة ما بعد الاستعمار عُومل المسيحيون الأقباط بصفتهم مواطنين من الدرجة الثانية وعانوا أشكالاً عديدة من التمييز الاجتماعي والسياسي.

يجادل هذا الكتاب بأن الحوكمة العلمانية الحديثة قد ساهمت في تفاقم التوترات الدينية في مصر ما بعد الاستعمار، الأمر الذي أدى إلى تقوية الحواجز بين الأديان واستقطاب الاختلافات الدينية.

سيظهر هذا الزعم مخالفًا لتوقعات كثيرٍ ممن يعتقد أن العلمانوية هي حل لمشكلة الصراع الديني وليست عاملاً مؤثرًا في إنشاءه. ومع ذلك، كما آمل أن أبيّن، لا يمكننا فهم الصراع الديني في مصر دون الاهتمام الكافي بالكيفية التي من خلالها بدَّلت العلمانوية الهويةَ الدينية والعلاقات بين الأديان. إن للعلمانوية سمة لازمة تنشأ في جزء منها من بنية الدولة الليبرالية الحديثة التي تعِد بهدم التراتبية الدينية بهدف خلق كيان سياسي يتساوى جميع الأعضاء فيه أمام القانون.

لقد غيَّر مبدأ المساواة الدينية العلماني، الذي ظهر في القرن التاسع عشر، العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين، جاعلاً من الممكن لغير المسلمين تخيل مستقبلاً من المساواة المدنية والسياسية. لكن بالرغم من هذا الوعد التأسيسي، لا تزال الأقليات الدينية تعاني من مختلف أشكال التمييز في مصر المعاصرة وأجزاء أخرى من الشرق الأوسط. و

في حين أن المفاهيم والممارسات الإسلامية لها دور حاسم في إحداث هذا التباين، إلا أني أجادل بأن الدولة الحديثة وعقلانيتها السياسية أدتا دورًا أكثر حسمًا في تغيير الاختلافات الدينية الموجودة مسبقًا، مع إنتاج أشكال جديدة من الاستقطاب الطائفي، وجعل الدين أكثر ما يُبرز الهويات الأقلية والأغلبية على حدٍّ سواء وليس العكس. علاوة على ذلك، أقترح أنه بقدر ما تتسم العلمانوية بصيغة مشتركة عالميًّا للبنية السياسية القومية، يتخذ تنظيم الاختلافات الدينية شكلاً معياريًّا عبر الحدود الجغرافية. هناك سمتين متناقضتين لهذه العقلانية السياسية

العلمانية شديدتا الصلة ببعضهما البعض. أولاً، أصبحت الدولة الحديثة منخرطة في تنظيم الحياة الدينية وإدارتها بدرجة لم يسبق لها مثيل رغم زعمها الحياد الديني، ما يستدعي زج الدولة في المسائل الجوهرية المتعلقة بالعقائد والممارسات الدينية.

ثانيًا، بالرغم من الالتزام بهدم الاختلافات الدينية في المجال السياسي، تُغيِّر الحوكمة العلمانية الحديثة من شكل الاختلافات الموجودة مسبقًا بين الأديان وتفاقمها أحيانًا، متيحةً لها التنامي في المجتمع فيُصيَّر الدين رمزًا للهوية القومية والمعايير العامة.

ورغم أن الدول الحديثة تتسم بكل تلك السمات، إلا أنه في حالة الدول غير الغربية كمصر فإنها تُعد دلالات على العلمنة غير المكتملة. وكتابي هذا يعترض على هذا التشخيص ويحثنا على التنبه إلى التناقضات البنيوية اللصيقة بالمشروع العلماني وكيف ساهمت تلك المفارقات في تشكيل الصيغة المعينة التي اتخذتها العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين في مصر الحديثة.

تحليلي في هذا الكتاب مدين لحقل الدراسات العلمانية المزدهر الذي تصدى على مدى العقدين الماضيين للتصوير التقليدي للعلمانوية بأنها الفصل بين الكنيسة والدولة، والدين والقانون، والسلطتين الكنسية والسياسية.

جادل باحثون من مختلف المجالات بأن العلمانوية الحديثة تتعدى ما تسمح به هذه الصيغة المصغرة؛ إذ تنطوي على تحولات جوهرية في تصورات الذات والمكان والزمان، والإيتيقيا والأخلاقية بالإضافة إلى إعادة تنظيم الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية.

بعبارة أخرى، العلماني ليس الأساس الطبيعي الذي ينشأ الدين منه، ولا هو ما يبقى عندما يُبعد الدين. إن العلماني نفسه هو نتاج تاريخي ذو استتباعات إبستمولوجية وسياسية وأخلاقية معينة، ولا يُمكن فهم أيٍّ منها كفايةً من الوصف الرمزي للعلمانوية باعتبارها تراجع الدولة الحديثة عن الدين.

وبالمجمل، تستكشف هذه المعرفة البارزة بعُدين متمايزين للعلماني، وإن كانا مترابطين، هما: العلمانوية السياسية (political secularism) والعلمانية (secularity). يتعلق البُعد الأول بعلاقة الدولة الحديثة بالدين وتنظيمها له، بينما يشير الثاني إلى مجموعة المفاهيم والقواعد والحساسيات والتدابير التي تميز المجتمعات والذاتيّات العلمانية.

المصدر: حكمة – تقرير صبا محمود / ترجمة: نورة آل طالب

 

الاختلاف الديني في عصر علماني

للمزيد من الكتب، زوروا منصة الكتب العالمية

https://old.booksplatform.net/ar/product/العلمانية-والحداثة-والعولمة-حوارات-م/

https://old.booksplatform.net/ar/product/آراء-جديدة-في-العلمانية-والدين/

https://old.booksplatform.net/ar/product/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%85%D9%84/

This post is also available in: English (الإنجليزية)

TOP