الوصف
صدر حديثاً عن دار النهضة العربية للنشر بالقاهرة, كتاب, “المواجهة التشريعية لجرائم الاتجار بالبشر” للمستشار “محمود محمد حسن منصور هلال”, المفتش القضائي بوزارة العدل المصرية والحاصل على درجة الدكتوراة في القانون الجنائي من كلية الحقوق جامعة القاهرة,. صدر الكتاب, بتقديم للدكتور طارق أحمد فتحي سرور.
استهل الدكتور محمود هلال كتابه بإهداء إلى روح والده وإلى والدته أطال الله في عمرها: “مهما فعلت فلن أوفيكما.. ربي أرحمهما كما ربياني صغيرا”.
أهمية الكتاب
يكتسب هذا الكتاب أهميته في بيان موقف التشريعات من التصدي لجريمة الاتجار بالبشر, وذلك بإلقاء الضوء على الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية التي وقعت عليها مصر, والوقوف على الأحكام المشتركة والخاصة بجريمة الاتجار بالبشر عن طريق تحديد هذه الجريمة في القوانين المنظمة لها وحصرها, والوقوف على أركانها, ومدى ارتباطها بجرائم أخرى, وبيان الجرائم الملحقة بها, وأثر تعدد الأوصاف في جريمة الاتجار بالبشر, وبيان مدى فاعلية تشريعات الاتجار بالبشر في مواجهة الجرائم التى تنظمها, كما تناول المؤلف في نهاية هذا المرجع ذاتية الأحكام الإجرائية لمكافحة جريمة الاتجار بالبشر ببيان نطاق تطبيق قانون مكافحة الاتجار بالبشر من حيث المكان, والتعاون القضائي الدولي وآليات حماية ضحايا جرائم الاتجار بالبشر.. وصولًا إلى بعض النتائج والتوصيات..
إعادة تنظيم المسائل القانونية
وفى تقديمه لهذا الكتاب قال الدكتور طارق أحمد فتحي سرور: “عرفت صاحب هذا المؤلف منذ حوالي عشر سنوات عندما خطت أقدامه مجدداً محراب جامعة القاهرة يتطلع للحصول على أعلى درجة علمية بإعداد رسالة دكتوراه متميزة ببحث علمي يمثل إضافة علمية للمكتبة القانونية. فلم تقف قدرات صاحب المؤلف عن عمله كقاضٍ يكتب الأحكام بعد تفكير عميق في تقدير الدليل وكفايته في الإثبات, ولكن تجلت قدراته في البحث العلمي لتكون إسهاماته القانونية أيضاً خارج نطاق القضاء”.
يستطرد د. طارق سرور, “جاء هذا المؤلف ليتناول المواجهة التشريعية لجرائم الاتجار بالبشر وهي الجرائم المستحدثة بالقانون رقم 64 لسنة 2010 الذي أعاد تنظيم مسائل قانونية كانت تناثرت أحكامها في تشريعات عديدة بدءًا من قانون العقوبات, ومروراً بقانون 10 لسنة 1961 بشأن مكافحة الدعارة, وقانون الطفل بتعديلاته المتلاحقة وقانون العمل وانتهاء بقانون نقل الأعضاء البشرية, وهو قانون وضع إطار قانوني شامل, فعدد أشكالاً عديدة للاتجار بالبشر, إلا أحد الجوانب المميزة للاتجار هو استغلال ضعف الضحايا أو حاجتهم التي قد تدفعهم إلى تعرض أنفسهم للخطر لتلبية حاجاتهم الأساسية, ويحقق الجاني من وراء الاستغلال مكاسب اقتصادية أو مآرب شخصية معنوية. واتسم هذا القانون بسمات ثلاث: الوقاية, والحماية, والملاحقة القضائية, وتوسع في نطاق الاختصاص القضائي بملاحقة المجرمين, ونص على حالات الإعفاء من العقوبة”.
تساؤلات الكتاب
أجاب كتاب (المواجهة التشريعية لجرائم الاتجار بالبشر) على تساؤلات عديدة تتعلق بمدى كفاية التشريع الحالي لمواجهة جريمة الاتجار بالبشر وتنمية وعي المجتمع المصري, والمعوقات التي قد تعوق تحقيق أهداف التشريع, وخلص إلى نتائج توصيات في هذا الشأن, وتناول تعدد الأوصاف للواقعة المعروضة بسبب تعدد النصوص القانونية المتناثرة داخل عدد من التشريعات, ببيان التكييف السليم للواقعة عند وجود تعدد مادي أو معنوي للجرائم أو تعدد ظاهري للنصوص وهو الجانب العملي الذي أغفله العديد من الباحثين.
الاتفاقات والبروتوكولات الدولية
ووفق المؤلف يهدف هذا الكتاب إلى إلقاء الضوء على الاتفاقات والبروتوكولات الدولية التي وقعت عليها مصر. والوقوف على الأحكام المشتركة والخاصة بجريمة الاتجار بالبشر عن طريق تحديد هذه الجريمة في القوانين المُنظمةِ لها وحصرها, والوقوف على أركانها, ومدى ارتباطها بجرائم أخرى, وبيان الجرائم الملحقة بها. وبيان مدى فاعلية تشريعات الاتجار بالبشر في مواجهة الجرائم التي تُنظمها, وهل هذه التشريعات كافية من عدمه, وبيان أوجه القصور إن وُجدت, وبيان مدى مسئولية الشخص الطبيعي والمعنوي عند ارتكابه جريمة الاتجار بالبشر. وكذا بيان الأحكام الخاصة بحماية المجني عليهم “الضحايا” في هذه الجرائم وحقوقهم.
يقول المؤلف: “… رغم التكريم والتفضيل للبشر من خالق الكون, إلا أن البشرية عرفت على مر تاريخها صنوفاً من امتهان كرامة الإنسان واستغلال جسده في أعمال تنافي المنزلة التي جعلها له المولى سبحانه, وأوضح ما تمثل ذلك في تجارة الرقيق, وهي من أقدم أنواع التجارة في المجتمع الإنساني التي كانت تشهد رواجًا بصفة خاصة في فترات الحروب وإثرها, وكانت لها سوق منظمة للبيع والشراء تعرف بسوق الرقيق أو سوق النخاسة, ونحمد الله أن ثاب المجتمع الإنساني إلى رشده, فحرم هذه التجارة البغيضة, وإن كان أرباب السوء قد أخذهم إليها الحنين فيما يبدو, فراحوا ينشرونها في العصور الحديثة وراء مسميات واشكال ما أنزل الله بها من سلطان”.
زواج الصفقة.. وبيع الأبناء
عندما كان المؤلف يمارس عمله بالنيابة العامة, وكيلاً للنائب العام, كانت تعرض علي النيابة صور وأشكال عديدة للاتجار بالبشر, لا تختلف في كثيرٍ عن مثيلاتها في العالم القديم. يقول المؤلف: “… هي صور وأشكال متجددة للرق والعبودية, وحينها عرضت صورة طفلةٍ لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمرها, يقدمها أبوها – على غير رغبة ولا اختيار منها – إلى عجوزٍ ثري يتجاوز سنة السبعين عاماً, من أجل أن يحصُلا على المال, قد تكون الحاجة الملحة هي دافعهما إلى ذلك, وقد يكون إرضاءُ الغريزة هو دافع العجوز الثري, لكن ما ذنب هذه الطفلة البريئة, وهي تساق كالأنعام, إلى رجل ينهش عذريتها مقابل المال تحت مسمى زواج الصفقة؟ وما السبيل إلى كبح جماح الشر داخل كل نفس دنية؟ وما السبيل إلى حماية الكرامة الإنسانية من أن يكون الإنسان سلعة تُباعُ وتُشترى, وصونها من هذا الاستغلال؟.
يضيف المؤلف “… ومما يؤسى له أن نرى في زمننا هذا بعض الآباء والأمهات يستغلون أصولهم وفروعهم كوسيلة لجني المال, فوجدنا حالات بيع الأبناء أو تركهم لجماعة إجرامية تستغلهم في الأعمال الإباحية أو في السخرة أو الخدمة قسرًا او بيع الأعضاء البشرية لذويهم, أو تزويج البنات وهم أطفال من أجل المال, وغير ذلك من الجرائم التي باتت خطرًا حقيقيًا ومؤكدًا على الدول وشعوبها خاصة, وعلى المجتمع الإنساني عامة, وهو الأمر الذي أدركته جميع الدول وبدأت في العمل على الحد منه والتصدى له.
يستطرد المؤلف : إن مثل هذه الأسئلة كانت تُراودني في اثناء العمل, حتى أجاب عنها المشرع المصري بإصدار القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر, ووجدتُ فيه إجابات كثيرٍ من الاسئلة التي كانت تدور في خلدي, ومن هنا جاء اختياري لموضوع الكتاب, نظراً لأهميه هذا الموضوع وخطورته, محلياً وإقليمياً وعالمياً.
فعلى المستوى العالمي: ووفقا للمؤلف, سعت العديد من الدول والمنظمات الدولية إلى سن التشريعات واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من هذا الخطر, واهتمت الأمم المتحدة ومنظماتها بوضع الاتفاقيات والبروتوكولات من أجل مكافحة الاتجار بالبشر وحماية حقوق الإنسان, واعتبرت الأمم المتحدة جريمة الاتجار بالبشر كارثة إنسانية وشكلاً من اشكال العبودية.
أما على المستوى الوطني: فكان لمصر دور بارز في مشاركة المجتمع الدولي جهوده لمكافحة هذه الجريمة, وساهمت بصورة إيجابية في التعامل الحاسم على جميع المستويات للحد من خطر هذه الجرائم, فانضمت إلى العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية والإقليمية التي تعمل على حماية حقوق الإنسان ومحاربة أية ظاهرة إجرامية تمس كرامته وحريته,
محاور الكتاب
ولما كان هذا الكتاب ينصب على المواجهة التشريعية لجرائم الاتجار بالبشر, فقد استلزم بحث هذه المواجهة من وجهة نظر المؤلف.
قسم المؤلف الكتاب إلى باب تمهيدي, وقسمين, وتقسيم كل قسم إلى بابين على التفصيل الآتي: الباب التمهيدي: الاتجار بالبشر ووسائل مواجتهه دولياً وإقليمياً:
الفصل الأول: الاتجار بالبشر.. أسبابه وتاريخه وموقف الفقه الإسلامي منه. أما الفصل الثاني فقد جاء بعنوان “الإطار الدولي لجريمة الاتجار بالبشر”.
القسم الأول: جاء بعنوان “الأحكام الموضوعية لمكافحة جريمة الاتجار بالبشر”, أما االباب الأول فحمل عنوان “الأحكام العامة لجريمة الاتجار بالبشر”.
الفصل الأول: ماهية الاتجار بالبشر.
الفصل الثاني: أركان جريمة الاتجار بالبشر والمسئولية الجنائية والعقاب عنها.
الباب الثاني: ذات الصلة بجريمة الاتجار بالبشر والملحة بها.
الفصل الأول: صور الجرائم ذات الصلة والملحقة بجريمة الاتجار بالبشر.
الفصل الثاني: أثر تعدد الأوصاف في جريمة الاتجار بالبشر.
القسم الثاني: ذاتية الأحكام الإجرائية لمكافحة الاتجار بالبشر.
الباب الأول: ولاية القضاء المصري في ملاحقة مرتكبي جريمة الاتجار بالبشر وآلية التعاون القضائي الدولي.
الفصل الأول: ولاية القضاء الوطني فى ملاحقة مرتكبي جريمة الاتجار بالبشر.
الفصل الثاني: التعاون القضائي الدولي في جريمة الاتجار بالبشر.
الباب الثاني: حماية المجني عليهم في جريمة الاتجار بالبشر.
الفصل الأول: مؤشرات التعرف على المجني عليهم وحمايتهم في جريمة الاتجار بالبشر. الفصل الثاني: حقوق المجني عليهم وآليات مساعدتهم.
وينهى المستشار الدكتور “محمود هلال كتابه بخاتمة, وتشمل النتائج والتوصيات التي تساعد في فعالية المواجهة الجنائية لجريمة الاتجار بالبشر, وتحقيق غاية المجتمع في مكافحة الاتجار بالبشر..
وفى الأخير: لقد ساهم التكوين القضائي للمستشار الدكتور محمود هلال في خروج هذا الكتاب بهذا الوضع المتميز… وعلى هذا النحو فإن هذا الكتاب يحتل موضعاً متميزاً بين المؤلفات التى تناولت ذات الموضوع ويمثل إضافة إلى المكتبة القانونية.