الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

قلق في الحضارة

تمت إعادة نشر هذا الكتاب من قبل دار نشر  الطليعة

في هذا الكتاب يتابع سيجموند فرويد المشروع الذي كان قد بدأه في مستقبل وهم، فينتقل من نقد الدين إلى نقد الحضارة تحت شعار “لا يجوز لسلطة أن تعلو فوق سلطة العقل”.

ويعد هذ الكتاب تواصلا مع كتابه مستقبل وهم الذي طبق فيه نفس الخطة على الدين. يبرز في هذا العمل الروح النقدي الدقيق لفرويد فهو يعيد النظر في كل بديهيات الحضارة متبعا منهج ديكارت الفلسفي في الشك وعن طريق هذا العمل يقنع فرويد العالم أن علم النفس قادر أن يفسر كل ما يدور في حياة الإنسان. ترجم هذا الكتاب إلى العربية المفكر جورج طرابيشي عن الترجمة الفرنسية وهو الذي يقول أن السؤال الذي يحاول فرويد أن يجيب عليه في هذا الكتاب هو “لماذا لا يحظى الإنسان بالسعادة التي ينشدها مهما قارب أن يكون الها؟”.

إن النتيجة التي نخرج بها من هذا الكتاب هي مقولة فرويد: “ان الشعور بالذنب هو السبب الرئيس لتطور الحضارة.”

يرى فرويد أن المجتمع الحديث، ودائماً على خطى مجتمعات قديمة عرفت كيف ترسخ قوتها في وجه أبنائها، يعمل وفي شكل متواصل على قمع الاندفاعات والرغبات الجنسية والعدوانية لدى الأفراد، مستهدفاً بهذا الحفاظ على ما يعتبره تلاحماً اجتماعياً، فلا يكون منه بالتالي إلا أن يتسبب في دخوله صراعات عنيفة قامعة في أغلب الأحيان، مع أفراد المجتمع، يكونون مأخوذين كأفراد، لأنهم – في حسبانه – إن تمردوا عليه وتبعوا اندفاعاتهم التي يصارعهم في شأنها، فسينتهي بهم الأمر إلى تدميره. وهو، لأنه بالطبع، غير راغب في أن يدمّره أفراده، وقد أصبحوا، انطلاقاً من اندفاعاتهم هذه، أعداء محتملين له، لا بد من أن يحمي نفسه. فكيف تكون هذه الحماية؟ هنا في هذه النقطة، للوصول إلى جواب، ها هو فرويد يصل إلى المستوى الأهم من تحليله: إن الوسيلة الأكثر فاعلية التي يمكن المجتمع أن يحمي بها نفسه إزاء أفراده، تكمن في تحويله السلطة الخارجية التي يهيمن بها على الفرد، إلى سلطة جوانية، يهيمن بها الفرد على نفسه: بحيث إن القمع الذي يكون أول الأمر مفروضاً على الفرد من خارجه، يُضحي مفروضاً عليه من الداخل، وبحيث إن الأنا الأعلى الماثل داخل كل فرد من الأفراد، يتولى هو التصدي للاندفاعات التدميرية وردع فاعليتها. في معنى أن الصراع بين الفرد والمجتمع، وكما يشرح لنا فرويد في صفحات شديدة العمق والتبصر من هذا الكتاب، يتحول إلى صراع بين الفرد الذي يحاول التمرد والأنا الأعلى الذي يتولى قمع تمرده هذا. يصبح الصراع داخلياً بين جانبين من جوانب الأنا: الأنا والأنا الأعلى. من هنا، يبرز ذلك الشعور بالذنب، لدى الفرد. بيد أنه بسبب كونه شعوراً غير معترف به بصفته هكذا، نجده يتحول، داخل الفرد، إلى شعور بـ «القلق أو التوعك، أو عدم الرضا، لا يتوقف الفرد عن محاولة عزوه إلى أسباب عدة أخرى وهو غير دار أن أسبابه داخلية، ذاتية، ناتجة عن رغباته المقموعة، ليس فقط بالتمرد، بل حتى بتحقيق ذاته». فهذا الأسلوب «المبتكر» الذي توصل إليه المجتمع لتحقيق توازنه، يتحول إلى سلاح قوي في يده ضد محاولات الأفراد الخروج عن المألوف، عن القطيع، لتحقيق ما كانوا يتطلعون إليه من مشاكسة على المجتمع، هي في التعبير الفني، إبداع ما لخروجهم عليه.

كان سيغموند فرويد (1856 – 1939) حين وضع هذا الكتاب، يدنو من الثمانين من عمره، وكان يبدو شديد التشاؤم، هو الذي عاش النصف الأول من حياته، وعمل وأبدع مؤلفاته الأساسية وأفكاره الكبرى، في أزمان كانت واعدة، لكن هذا كله ذهب أدراج الريح، لتوصل الإنسانية نفسها إلى الهاوية، طواعية كما سيقول لنا فرويد، أو كما سيكون في إمكاننا أن نرى لو أننا نقبنا حقاً وبدقة، في فصول محاضراته وكتبه، حيث سنكتشف أن ما كتبه الرجل في عامي 1929 و1930، إنما يجد جذوره وإرهاصاته، في كتب كبيرة سابقة له، من «علم الأحلام» (1900) إلى «سيكولوجية الحياة اليومية» (1904) و «ثلاث دراسات حول الجنس» (1905) و «مستقبل وهم» (1927) و «الأنا والهذا» (1923) و «ماوراء مبدأ اللذة» (1920)… وغيرها.

 

 

 

قلق في الحضارة

للمزيد من الكتب، زوروا منصة الكتب العالمية

 

This post is also available in: English (الإنجليزية)

TOP