الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
النزاعات على الأراضي والمياه في أفريقيا
هذا الكتاب يمثل بحثاً، في سياق جغرافي هو الأشمل والأوسع من نوعه على الإطلاق، عن الصراعات على الأراضي والموارد المائية في إفريقيا، والجهود الرامية إلى تغيير أنظمة السباق على أساس ملكية الأراضي وحيازة الأراضي في كل من ناميبيا وجنوب إفريقيا وزيمبابوي، حيث دُفعت قضايا الأراضي إلى الواجهة في كل الخطابات الاجتماعية والاقتصادية داخل القارة السمراء عامة.
ويقول مؤلفو الكتاب إن الدراسات الحالية تفحص الروابط بين صيانة الهوية، وتغيرات الحيازة، وتدخل الدولة، وأشكال وأنماط الصراع.
ويشدد المؤلفون على الحاجة إلى فهم أعمق للتواريخ المحلية وللثقافات، والدوافع لتحقيق توزيع “أكثر عدالة” للموارد الطبيعية في أفريقيا، من أجل تلافي الأسباب السياسية وراء فشل التنمية المستدامة في القارة.
عالج هذا الكتاب قضية عالية الأهمية بالنسبة لما يزيد على 40% من ساكنة الأرض، بحيث يسعى الخبراء الفرنسيون والأفارقة من خلاله إلى تسليط الضوء على أزمة المياه في إفريقيا، بل وإلى قرع أجراس الإنذار حول الخطر المتفاقم والمتعلق بالهدر المتواصل للثروة المائية وتبديدها بسرعة من دولة إلى أخرى، بحيث بات يفتقد 600 مليون شخص في إفريقيا المرافق الضرورية لتسيير الموارد المائية؛ كما تدور الأبحاث المنشورة أساسا حول مستقبل القارة السمراء في وجه المخاطر الأمنية والتحديات الإستراتيجية التي تتعلق باستغلال المصادر المائية، والسبل الكفيلة بإنهاء مهددات الأمن المائي.
ومع أن كتاب يحاول طمأنة الشعوب، إلا إنه بإمكان الخبراء الاهتداء إلى الحلول الملائمة والتي من شأنها المساعدة في إيقاف هدر الثروة المائية وتلويثها عبر معالجة الأسباب التي أدت إلى ذلك واتباع نظم صارمة في الصرف الصحي، لكن هذا التفاؤل سرعان ما يغيب لعدم وجود إجراءات رسمية صارمة وقوانين رادعة ومجتمعات واعية.
الكتاب يعد بمثابة حصيلة لمعالجة جماعية استطاع من خلالها العديد من الخبراء في قطاعات المياه وتقنيات الصرف الصحي تقاسم خبراتهم حول 14 بلدا إفريقيا، وهم يفصلون المؤلف إلى جزئين أولهما حول إشكالية المياه في إفريقيا. والثاني يتطرق لتجارب الدول الافريقية.
يؤكد الكتاب على أن القارة الإفريقية كانت قد عرفت بواكير إشكاليات المياه بالتزامن مع شروع القوى الأوروبية الكبرى منذ العام 1885 في تنفيذ مخططاتها القاضية بتقاسم خيرات القارة السمراء، بما في ذلك الصراع حول حدود المستعمرات الجديدة والتي كانت في الغالب الأعم تتمحور حول حيازة الأنهار أو البحيرات وتقنين حرية الملاحة في الأنهار.
تتزود القارة الإفريقية من المياه انطلاقا من سبعة عشر نهرا كبيرا، وكثيرا ما تكون تلك الأنهار الحدود الطبيعية بين البلدان شأنها في ذلك شأن نهر النيل الذي يفصل بين إحدى عشرة دولة والذي يعد من مصدرا لعدم الاستقرار الحدودي بين أغلب تلك الدول، وبالإضافة إلى ذلك توجد في إفريقيا 160 بحيرة من ضمنها البحيرات العظمى الإفريقية التي تعد بحق أغنى مناطق إفريقيا بالماء؛ فهي خزان ماء ضخم وهي منبع نهر النيل دون أن يحول هذا الوضع بين دولها الست ونشوب النزاعات العرقية والحدودية حول الموارد الطبيعية.
يرى البروفيسور رونالد بورتيير Ronald Portier بأن نصف البلدان الإفريقية باتت تحمل أسماء مستمدة من المياه، فيما خلص الخبير الفرنسي كلود جاماتييه في مناقشته للمعضلة ضمن الدراسة الاستهلالية للكتاب تحت عنوان (إفريقيا والمياه: الإشكالية/ L’Afrique et l’eau : la problématique) إلى أن أربع عشرة دولة تفتقد المصادر المائية الكافية والتي تتعاظم حاجتها إليها بالنظر إلى الزيادة السكانية الملاحظة؛..”لا يمكن الجدال حول وفرة موارد المياه المتجددة في القارة الإفريقية، ولكنها تتعرض للتوزيع غير المتساوي : 5400 مليار متر مكعب للسنة. فقط 4% من هذه الموارد يجري استخدامها كمياه صالحة للشرب.. وفي كل المناطق الإفريقية، ما عدا وسط إفريقيا فإن نصيب الفرد الإفريقي من الماء يبقى في حدود (4008 متر مكعب -2008)” وهي نسبة تقل عن المعدلات العالمية المتعارف. ويضيف الباحث في دراسته إلى أن فقر الماء يطال 80% من الأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول إلى مصادر المياه الصالحة للشرب الموجودة في إفريقيا.
يعدد الخبير التحديات الكبرى التي تعترض الاستغلال الأمثل لموارد القارة المائية بعدالة، فهو يجملها في:
المستوى المتسارع للتحضر والكثافة السكانية: “فمن المنتظر أن تنتقل أعداد سكان إفريقيا سنة 2015 والمقدرة ب 1.15 مليار نسمة إلى 2 مليار بحلول العام 2050. وسيلقي هذا النمو السكاني أساسا بظلاله على الزيادات المعتبرة لساكنة المدن.. فقبل 2025، فان سكان الوسط الحضري في إفريقيا سيصلون إلى 750 مليون نسمة، وسيفوقون بذلك مجمل سكان أوروبا” ويعتقد الباحث أن هذا النمو غير المتحكم فيه سيحدث فجوة وخيمة بالنظر إلى ما هو متاح من الثروة المائية والتي تتعرض لمزيد من المسلكيات غير المخططة العواقب من قبل صناع القرار في إفريقيا.
يصف الكتاب إفريقيا بأنها إحدى أكثر القارات هشاشة أمام ظاهرة التغيرات المناخية بحيث لا يقتصر الوضع على ندرة المياه وإنما يكمن في التفاوت الحاصل في القارة من ناحية نسب هطول الأمطار في كل مكان و زمان. ويرجع صاحب الدراسة السبب إلى وقوع إفريقيا في المنطقة الجافة من الكرة الأرضية، حيث تتفشي ظاهرتي الجفاف والفيضانات معا؛ ويعيش ما يزيد على 40%من سكان إفريقيا في أجزاء واسعة من الأراضي شبه القاحلة و الأراضي الجافة أو الرطبة. “في 16 دولة افريقية يتجاوز التصحر ال50%”.
وفي الوقت الحالي، فإنه من بين 54 بلدا أفريقيا فقط 26 دولة استطاعت أن تحقق انجازات في واحد من أهداف الألفية الثمانية فيما يتعلق بتخفيض نسبة الأشخاص الذين لا يمكنهم الحصول باستمرار على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي الأساسية إلى النصف، وتظهر الدراسة أيضا أن 9 دول أفريقية أخرى ينبغي عليها العمل على تحقيق هذا الهدف، حيث يفتقد نصف سكانها المرافق الأساسية في مجال الصرف الصحي. وفي الوقت الحالي تظهر التقديرات الإحصائية أن 400 مليون إفريقي أصبح يرتبط بخدمات الصرف الصحي اللائقة. ويلفت المؤلف الانتباه إلى أن إحراز التقدم في مجال الصرف الصحي يبقى التحدي الأساسي بالنسبة للسكان.
وكما هو معروف تتمثل مصادر المياه الطبيعية في القارة الإفريقية في : مياه الأمطار، والمياه الجوفية، ومياه الأحواض والأنهار، بالإضافة إلى الموارد المائية السطحية، ويتعرض الكتاب بشيء من التفصيل للتحديات التي تعترض تسيير هذه الثروة بمختلف مصادرها كما يقترح الخبراء المساهمون في الكتاب العديد من الحلول الملائمة لمشاكل الصرف الصحي.
النزاعات على الأراضي والمياه في أفريقيا
للمزيد من الكتب، زوروا منصة الكتب العالمية
This post is also available in: English (الإنجليزية)