الوصف
This post is also available in:
English (الإنجليزية)
بقايا الإنسان والعنف الجماعي
يعرض هذا الكتاب، لأول مرة، الأدوات النظرية والمنهجية لدراسة “البقايا البشرية” الناجمة عن نوبات العنف والإبادة الجماعية عبر العالم، وكيف واجه المؤرخون وعلماء الأنثروبولوجيا وعلماء القانون، بما في ذلك المتخصصون في علم الجريمة والعلوم السياسية، هذه القضايا الصعبة؟
ويشمل الكتاب دراسات ميدانية موثقة عن عمليات الإبادة الجماعية في رواندا، وما ارتكبه “الخمير الحمر” في كمبوديا، والتي أسفرت عن موت 1.5 مليون شخص، فضلا عن الإبادة الدموية التي تعرض لها المسلمون في البوسنة والهرسك على يد الصرب والكروات، بعد تفكك دولة يوغسلافيا السابقة.
يمكننا القول إنّ علم النفس الذي بدأ وشبَّ فردياً، معنياً بالإنسان الفرد، ظلّ في واقع الأمر هكذا، إنما كفرع خاص بعلم النفس المجتمعي وقد تفرع عنه.
وقد شاء السياق التاريخي الموضوعي، أن يكون محور تلك الرسالة العنف الجماعي أو الحرب بوصفها شكلاً قصوياً من أشكال العنف. فقد كتبت في السنة ذاتها التي انتخبت فيها الأغلبية الألمانية المصوِّتة النازي أدولف هتلر زعيماً لألمانيا.
كان موضوع الرسالة، أو سؤالها الأول، قد أثير من طرف أينشتاين الذي كان المبادر لتلك المكاتبة، فقد طرح سؤالاً جامعاً مانعاً على فرويد، فيما كانت نذر الحرب العالمية الثانية تحوم في السماء، يقول: ما الذي يمكن فعله لحماية الجنس البشري من الحرب ولعنتها؟
ويعترف فرويد بأنّه شعر بالفزع لشعوره بالعجز عن معالجة ما كان يعتبره مشكلة عملية ومن مشمولات رجال الدولة.
هكذا كانت البداية، وبمقدار ما كان فرويد عبقرياً ومتفرداً في دراسة موضوعه بأدواته العلم نفسية فقد كان ساذجاً كأي مواطن غربي من الطبقة الوسطى في قراءته التاريخية والسياسية لجدلية الحرب والسلام.
إنّ العالِم المتميز في ميدان علم النفس يتحوّل إلى مادح ومروّج لانتصار الإمبراطورية الرومانية الدموية على العالم واستعبادها لشعوب حوض البحر الأبيض المتوسط وما بعدها، ويعتبر أنّ الحروب الرومانية ساهمت في تحويل العنف إلى قانون، غدا استعمال العنف بموجبه مستحيلاً وأدى كل ذلك إلى إقامة نظام جديد، لم ينعته بالعالمي مع أنّه كان كذلك فعلاً، لحلّ الصراعات.
وبهذه الطريقة، يضيف فرويد، أدى احتلال الرومان للبلدان الواقعة على البحر الأبيض المتوسط لإعطاء هذه البلدان السلام الروماني الذي لا يقدر بثمن.
والحقيقة، فقد كان بإمكان نازي ألماني نابه، إحراج مؤسس مدرسة التحليل النفسي من خلال سؤال مُقارِن، يقول: ولماذا تبيح للرومان ما تحرمه على النازيين الألمان؟
وكيف كان سيبدو العالم لو قُدِّرَ لهتلر أن ينتصر؟
لا أحد يستطيع المناكفة والعناد في أنّ «سلاماً نازياً لا يقدر بثمن هو الآخر» سيسود، لكنّه سيظل قائماً على العنف والعدوان على شعوب الأرض الأخرى كشقيقه السلام الروماني تماماً. وهنا، فإنّ الفرق بين «السلامين» الروماني والنازي سيكون فرقاً في درجة «عدد جثث الضحايا» وليس في النوع «المضمون الحقيقي».
بقايا الإنسان والعنف الجماعي
للمزيد من الكتب، زوروا منصة الكتب العالمية
This post is also available in:
English (الإنجليزية)