الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
اليسار في القرن ال21
تشكّل الحملة الانتخابية الحالية في فرنسا دليلاً جديداً على الانهيار التام لليسار الفرنسي المفكّك والفاقد للمصداقية إلى حد بعيد. صحيح أنّه لا يمكن حصر هذا اليسار بالحزب الاشتراكي، إلا أنّ هذا الأخير يبقى المكوّن الأكثر تأثيراً بين التيارات اليسارية الفرنسية.
ووسط كثرة المرشحين الاشتراكيين، أخرجت انتخابات الحزب الاشتراكي التمهيدية 6 متنافسين من السباق الرئاسي، بينهم رئيس الوزراء السابق مانويل فالس، الذي بنى حملته على أساس هوياتي يجسّد تيار المحافظين الجدد داخل الحزب. وقد سمح ذلك لبنوا هامون بالظهور كنقيض لكل ما يمثّله فالس، إذ يعتبر كثيرون أن فوزه يشكل فرصة لإعادة إحياء الحزب الاشتراكي المتهاوي. فهامون، في عيون البعض، يشكل الأمل الأكبر في التغيير اليوم، ولكن لا يكفي تأهل مرشّح جيد لإعادة الشرعية إلى حزب يرى كثيرون أنه يعاني من فساد أيديولوجي. فاليسار الفرنسي يثير منذ عدة سنوات قضايا عنصرية، ما جعله بالتالي ناطقاً باسم التيار الجمهوري المحافظ، خصوصاً مع إصراره على رؤية للعلمانية يعتبرها البعض معادية للإسلام. لذا، يمكن القول إن اليسار الفرنسي قد تقوقع في رؤيته الهوياتية للأمور بهدف حرف الأنظار عن فشله التاريخي في الحكم.
ويخرج بنوا هامون ورئيس «جبهة اليسار» جان لوك ميلانشون، من كنف هذا اليسار بصورة «المنتفضَين»، ولكنهما في الواقع يعكسان التناقضات التي تحملها الرؤية السياسية التائهة بين الليبرالية و«الإنسانية».
يجسّد جان لوك ميلانشون وبنوا هامون راديكالية زائفة، فهامون هو في النهاية مرشح الحزب الاشتراكي ومصمّم برنامج يبدو، ظاهرياً فقط، أنه يحمي مصالح الشعب والفئات التي تعاني من التمييز، مثل اللاجئين. فسياسة «الدخل الشامل»، وهي الطرح الأساسي للمرشح الاشتراكي، تبدو مبتكرة وثورية، إلا أنها في الواقع أبعد ما تكون عن هاتين الصفتين. فالبديل الوهمي الذي تقدّمه سياسة «الدخل الشامل» هو فكرة ليبرالية تعود جذورها إلى القرن الثامن عشر ويمكن ملاحظتها في كتابات علماء اقتصاد ليبراليين مثل ميلتون فريدمان. وهذا الطرح، الذي لا يحقق المساواة التي يدعيها إذ إنه يفيد فئات المجتمع كلها من دون تمييز، يخفي في طياته نوايا محرجة لأصحابها: فهو يهدف في نهاية المطاف إلى إعادة النظر في نظام الحماية الاجتماعية، إذ إن المقابل المفترض للدخل الشامل هو وقف المساعدات الاجتماعية. وبالتالي، فإن هذا الخطاب الجذاب والتعبوي ليس إلا جزءاً من فلسفة اقتصادية ليبرالية، وطرح بنوا هامون هذا يكفي لتلخيص النهج السياسي التاريخي لليسار الفرنسي.
في هذا الكتاب، يحلل كريستوف أجيتون بدقة، نجاحات وإخفاقات الحركات الاشتراكية والتجارب السياسية التي شهدها العقدان الأخيران. فهو يقدم انعكاسا واضحا يفتح السبل للخروج من المأزق الاستراتيجي وألعاب الأجهزة التي تقوض قوى التقدم.
https://old.booksplatform.net/ar/product/a-taste-of-blood-and-ashes/
This post is also available in: English (الإنجليزية)