العالم هو لغتي

عنوان الكتاب العالم هو لغتي
المؤلف Alain Mabanckou
الناشر  grasset
البلد فرنسا
تاريخ النشر 31/08/2016
عدد الصفحات 320

أشتري الكتاب حقوق الترجمة

الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

العالم هو لغتي

هناك علاقة وثيقة وعميقة بين الإنسان واللغة الأصلية «اللغة الأم» كما يقال، والتي يتحدث بها منذ الطفولة. وتغدو مثل هذه العلاقة أكثر عمقاً وحميمية عندما تكون اللغة التي يكتب بها إذا كان المعني يعمل في مجال الثقافة عموماً والكتابة بشكل خاص. وفي مثل هذه الحالات تغدو اللغة بمثابة أحد المكوّنات الأساسية لمسألة الهوية والانتماء وما يتفرّع عنهما من أسئلة متنوّعة المشارب.

هذه المسائل المتعلّقة باللغة وبما تعنيه على مستويات الهوية والانتماء هي التي يناقشها الكاتب الفرنسي الكونغولي آلان مابانكو، صاحب العديد من الروايات والدراسات التي عرفت شهرة عالمية وجرت ترجمتها إلى عدّة لغات عالمية. يحمل الكتاب عنواناً يشير إلى منحى مضمونه، حيث جاء فيه «العالم هو لغتي».

يشير آلان مابانكو إلى أنه من مواليد الكونغو في إفريقيا عام 1966، وأنه يوزّع حياته منذ سنوات بين باريس، حيث كان قد أنهى دراساته، وحيث جرى تكليفه بإلقاء محاضرات في «الكوليج دو فرانس»، أرفع مؤسسة علمية فرنسية وبين كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية، حيث يقوم بتدريس مادة الأدب في جامعة كاليفورنيا ــ لوس أنجلوس. هذا مع بعض الجولات التي يقوم بها في العالم من أجل تقديم كتبه.

وفي مجال تحديده لعلاقته مع اللغة الفرنسية يحدد آلان مابانكو القول إنه «كاتب باللغة الفرنسية». ولا يتردد في التأكيد أن لغته «الفرنسية» ليست محصورة في «مربّع صغير» يتحدث الذين يعيشون فيه تلك اللغة، بعيداً عن «العالم». بل يشرح أنها لغة يتحدث بها بشر «رائعون» و«شغوفون بها»، بينهم مشاهير ومغمورون في جميع مناطق العالم.

 

ويقدّم المؤلف على مدى الكثير من صفحات هذا العمل للحديث عن أمثلة واقعية عرفها عن قرب في العالم. هكذا يقود قارئه إلى القاهرة وزنجبار ونيويورك ودبلن ومراكش والعديد من مناطق العالم الأخرى. وفي جميع هذه الحالات يتعرّض لما يقدّمه كتّاب ومبدعون من أجل «عدم التقوقع» باسم «الهوية». ويشرح «بامانكو» أن ما يجمع بينهم جميعاً، هو أنهم يدعون للانفتاح و«كسر الحواجز» في مواجهة جميع أشكال «الانكفاء».

ومن الأفكار الأساسية التي تتردد في هذا العمل أن ما ينبغي أن يجمع بين البشر، سواء كانوا من المبدعين والمشاهير أو من المغمورين الذين يعيشون بعيداً عن جميع الأضواء، هو سعيهم إلى تحوّل العالم نحو نوع من «تدويل المخيلة». هذا بمعنى الانفتاح على العالم وعلى «الآخر».

مثل هذا المسعى يجده المؤلف في أعمال العديد من الذين يتحدّث عنهم في كتابه. وليس أقلّهم شهرة الكاتب والروائي الفرنسي لو كلوزيو الحائز جائزة نوبل للأدب الذي التقى به مرّتين.

وهو يروي أنه من خلال ذلك فهم أن التفرّد الكبير الذي يتميّز به هذا الروائي يعود، أي التفرّد، إلى أن «جذوره العائلية تعود إلى جزيرة موريس» وإلى أن والده كان طبيباً عمل طويلاً في القارّة الإفريقية. وعبر ذلك تكوّن لدى الروائي نزوع كبير نحو التأكيد على أهميّة «الانفتاح على العوالم الأخرى» وكذلك على «الثقافات الأخرى». يبيّن «مابانكو» أن مثل ذلك النزوع نحو الانفتاح يجد آثاره الجلية في صميم المواضيع والأعمال الكبرى التي قدّمها لو كلوزيو في أعماله ليستحق عنها بجدارة جائزة نوبل.

ومن خلال الأمثلة العديدة التي يقدّمها المؤلف يصل إلى نتيجة أساسية مفادها أن «الهوية لا تتشكّل بمرسوم والدعوة إلى الانكفاء. ولكنها تتشكّل عبر، وبواسطة، ثقافة اللقاء والتآلف وتبادل الآراء والأفكار مع الآخرين». ويحدد في مثل هذا السياق القول إن أحد العوامل الأساسية التي تساعد على الانفتاح على العالم تكمن في تأكيده أن «القراءة تساعدنا على ذلك».

إن الدعوة للقراءة تمثّل أيضاً أحد الأفكار التي يتم تأكيدها من قبل المؤلف. بل لا يتردد في التأكيد أيضاً أنه تقع على السلطات الفرنسية العامّة المعنيّة مسؤولية تشجيع «سياسة القراءة». والإشارة في هذا السياق إلى المساهمات الحقيقية الكبرى التي قدّمها «الأجانب» في التاريخ الفرنسي ومن أجل تقدّم فرنسا. ويشير إلى أن إدراك مثل هذه الحقيقة كان ينبغي منه أن يجعل الفرنسيين أكثر تفهّماً لمسألة الهجرة والمهاجرين. ما يؤكّده المؤلف هو أن «الأجنبي» ليس «عدوّاً» بالتعريف.

يقارن المؤلف في هذا الصدد بين التجربتين الفرنسية والإنجليزية. ويرى أن اللغة الإنجليزية وجدت حاملاً أساسياً لها في كتّاب قدّموا من المستعمرات القديمة وخاصة الهند وباكستان ونيجيريا وغيرها. لكن على الصعيد الفرنسي لا يزال يتم النظر للمستعمرات السابقة على أنها «غير مؤهّلة لزعم امتلاك أيّ حضارة».

ويأتي المؤلف إلى ذكر عدد كبير من الكتّاب والمبدعين الأفارقة. ويبيّن أن الغالبية العظمى بينهم اليوم تسير على خطى كتاب كبار سابقين مثل إيمي سيزير وليوبولد سنغور. وذلك من حيث «المضمون السياسي» لكتاباتهم. هذا مع التأكيد في الوقت نفسه إلى أن الجيل السابق كرّس مهمته في «تحرر القارّة الإفريقية من الاستعمار»، بينما الجيل الحالي «أبناء عصرهم»، ويؤكّد ضرورة «النهاية مع الاستعمار ذهنياً».

إضافة إلى خوض معارك «التحرير» من الإرث الاستعماري وما تركه من «دكتاتورية وفساد وغير ذلك من مآسي» لا تزال المجتمعات الإفريقية تعاني منها. والإشارة أنه ما كان لمبدعين كبار من أمثال سيزير وسنغور وفرانز فانون «الذين كانوا يحملون الجنسية الفرنسية»، أن يتصوّروا أن الأفارقة الذين ساهموا في تحرير أوروبا هم اليوم «يُطردون منها».

والكتاب يشكّل في مجمله نوعاً من الصرخة ضد «عالم يغلق حدوده أكثر فأكثر» ويدعو بالمقابل إلى الانفتاح على العوالم الأخرى وعلى الثقافات المختلفة. ولعلّ الرسالة الأكثر إلحاحاً التي يؤكّد المؤلف عليها تكمن في القول إنه يمكن تكوين «عائلة عالمية» كبيرة عبر اللغة وتفاعل الثقافات.

هوية قابلة للتطور

يذهب بامانكو إلى التأكيد أنه كان من الأجدى والأكثر توافقاً مع الواقع والحقيقة، أن يجري الاعتراف ضمن فرنسا، وهو الفرنسي ــ الإفريقي، بثقافة الآخرين وبوجودهم. بل وتعليم الدور الذي لعبه الآخرون، والمقصود بذلك في سياق التحليلات المقدّمة بذلك هم الأفارقة، لمختلف الأجيال وعلى جميع المستويات التعليمية والتربوية. والإشارة في مثل هذا السياق إلى أن «الهوية قابلة للتطوّر ولا تحكمها القوانين والمراسيم».

المؤلف في سطور

آلان مابانكو كاتب وشاعر وروائي فرنسي ــ كونغولي. من مواليد الكونغو عام 1966. يعمل أستاذاً للأدب في جامعة لوس أنجلوس ـ كاليفورنيا الأميركية. ومحاضراً في «الكوليج دو فرانس»، أرفع مؤسسة علمية فرنسية. حائز جائزة «رونودو» الأدبية الفرنسية.

من مؤلفاته العديدة «الكأس المحطّمة» و«أسطورة التشرّد» و«الأشجار تذرف الدموع أيضاً»…الخ.

https://old.booksplatform.net/ar/product/programming-microsoft-dynamics-nav/

This post is also available in: English (الإنجليزية)

TOP