الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
البربر ذاكرة وهوية
تمت ترجمة الكتاب من خلال دار أفريقيا الشرق
استعمل الأفريقيون القدامى في بلدان المغرب نظاماً في الكتابة، هو الليبي، تولدت عنه أبجدية التيفناغ المتداولة عند الطوارق، والحال أنه قد تم الوقوف على الكثير من الكتابات الليبية ومن التيفناغ القديمة في مناطق قد باتت اليوم معربة بالكامل (في تونس والشمال الشرقي من الجزائر وفي الغرب ومنطقة طنجة من المغرب وفي شمال الصحراء…).
وقد تعرضت هذه الكتابة في بلدان الشمال للمنافسة من البونيقية ثم من اللاتينية. ويسلم البعض بأن هذه الكتابة كانت قد نسيت تماماً وقت أن أُدخلت الكتابة العربية في القرن السابع الميلادي.
وفي المقابل بقي للكتابة الليبية وجود وعرفت التطور حسب ما لها من خصوصية في البلدان الصحراوية؛ حيث لم يكن لها أن تلقى منافسة.
بل إن نطاق هذه الكتابة قد اتسع وصولاً إلى جزر الكناري التي كان سكانها القدامى، الغوانش، من الناطقين بالبربرية.
وعليه يمكننا التأكيد بأن الأسلاف البربر قد كان لديهم في وقت من الأوقات نظام خاص في الكتابة، ثم انتشر هذا النظام، كما انتشروا هم أيضاً، من البحر المتوسط إلى النيجر.
والحجة الأخرى التي يمكن أن ندفع بها في مواجهة أولئك الذين ينكرون ضداً على كل الأدلة، عن اللغة البربرية أن تكون عرفت التوسع منذ القدم، وتساءلون، بأكثر مهارة، عن القرابة الفعلية بين اللغة البربرية واللغة الليبية التي كانت متداولة عند الإفريقيين القدامى، هذه الحجة نجدها في أسماء الأماكن؛ فحتى البلدان التي عُربت بالكامل لا يزال فيها وجود لأسماء أماكن لا يمكن تفسيرها إلا باللغة البربرية.
وعليه فإن اللغة البربرية التي كان لها من قبل الانتشار الواسع قد صارت خلال قرون إلى تراجع أمام اللغة العربية، لكن هذا التعريب اللغوي الذي ساعد عليه دخول الإسلام إلى شمال أفريقيا والصحراء، قد صاحبه ابتداء من القرن الحادي عشر الميلادي تعريبٌ اجتماعي وثقافي أدى إلى استيعاب حقيقي لغالبية سكان الدول المغاربية.
وقد كان استيعاباً هائلاً إلى درجة أن كل السكان في بعض هذه البلدان (كتونس وليبيا) يقول السواد الأعظم منهم ويعتقدون أنهم عرب، فيكونون بالتالي عرباً.
والحقيقة أن القلة القليلة منهم من يجري في عروقها شيء من الدم العربي، ذلك الدم الجديد الذي حمله الفاتحون في القرن السابع الميلادي أو جاء به البدو الغزاة في القرن الحادي عشر الميلادي؛ بنو هلال وبنو سليم وبنو معقل، وهم الذين لم تكن أعدادهم تزيد عن 200,000 حسب التقديرات أشدها تفاؤلاً.
لكن المغاربين، وإن عُربوا، لا يزالون يتمايزون عن عرب شبه الجزيرة العربية وعرب الشام الذين عُربوا قبلهم بكثير.
والحقيقة أنه توجد في المجتمع المسلم في شمال أفريقيا وفي الصحراء يوجد مغاربيون يتكلمون العربية أو خليط من العرب والبربر ومغاربيون ناطقون بالبربرية قد احتفظوا باسم البربر الذي سماهم به العرب.
والأقوام الذين هم خليط من العرب والبربر والذين لا يشكلون كياناً مجتمعياً، كمثل ما هم البربر، نميز فيهم مجموعة قديمة، حضرية، معظمها مختلط الأصول، إذ ينبغي أن نعتبر في المدن بالعناصر التي انضافت إليهم قبل الإسلام واللاجئين المسلمين من أسبانيا (الأندلس)، والقادمين الجدد الذين جرت العادة على تسميتهم بالأتراك من غير تمييز، وهم الذين كانوا في معظمهم من البلقانيين والإغريق سكان الأرخبيل اليوناني. وهنالك مجموعات أخرى من المزارعين المقيمين.
وأخيراً هنالك الرحل، ويعتبرون في شمال الصحراء {الركيبات والشعامبة وأولاد سليمان} الأقرب لغوياً وثقافياً إلى القبائل العربية من البدو. فبين هؤلاء يمكننا أن نقع على أحفاد حقيقيين لبني سليم وبني معقل.
البربر ذاكرة وهوية
للمزيد من الكتب، زوروا منصة الكتب العالمية
https://old.booksplatform.net/ar/product/the-forgotten-language/
https://old.booksplatform.net/ar/product/the-crooked-timber-of-humanity-chapters-in-the-history-of-ideas/
This post is also available in: English (الإنجليزية)