الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
الإنسان ذلك المجهول
تمت ترجمة الكتاب من خلال مكتبة المعارف - لبنان
في عام ١٩٣٥ نشر الطبيب والجراح الفرنسي أليكس كاريل كتاب “الإنسان ذلك المجهول” والذي لا يزال حتى الآن يعد واحدا من أبرز مؤلفات القرن العشرين.
الفكرة الأساسية في هذا الكتاب – كما حاولت الإمساك بها – هي أننا لم نفهم أنفسنا بالقدر الكافي مقارنة بما حققنا من فهم للجمادات.
وأن المناهج التي نستعملها لفهم أنفسنا لم تحقق النتائج المرجوة كما حققتها المناهج المستخدمة في العلوم الطبيعية.
وأن ثمة أشياء كثيرة مجهولة فينا بحاجة إلى معرفة مثل العقل وكيف يعمل، والمشاعر وكيف تتكون، والعلاقة بين الأعصاب والعواطف، ونوع النشاط الذي نمارسه والصحة العقلية والجسدية والنفسية والروحية التي نعيشها.
كاريل في هذا الكتاب يتحدث عن الإنسان كوحدة واحدة دون النظر إلى عرقه أو دينه، ولعل هذا أحد الأسباب التي جعلت الكتاب رائجا في عديد اللغات التي تُرجم إليها.
يقول إن الإنسان خلق ليعيش فردا في الطبيعة يتعرض لحرها وبردها ويستشعر جوعها وشبعها ويلمس ليونتها وخشونتها، وإنه في سبيل معيشته هذه كان لزاما عليه أن يبذل الجهد ويزود جسده بنوع الغذاء الذي يتناسب معها، وإن الغرم الأكبر حدث لهذا الإنسان حينما ترك القرية وتوجه إلى المدينة مع الثورة الصناعية وبدأ يعتمد على الآلة في زراعاته وصناعاته وسفره وتنقلاته، فغيرت نمط نشاطه الفطري وتغير معها طعامه وشرابه وطبيعة علاقاته، فأصابه التشتت والضياع، فلم يحقق الصحة الجسدية والنفسية والروحية.
تستشعر في الكتاب نَفَس جان جاك روسو وبخاصة في دعوته للعودة إلى الطبيعة واعتناق “دين الفطرة” كما في الكتاب الذي حمل ذات العنوان ونقله إلى العربية باقتدار عبد الله العروي.
رغم استشهاد أليكس كاريل بالعديد من الأمثلة العلمية في مجال الطب والتشريح والنبات والفلك والذرة فإنك – وبخاصة إذا كنت من غير ذوي الثقافة العلمية مثلي – لا تستشعر اغترابا معرفيا وأنت تقرأ، لأنه قدمها بطريقة مبسطة ومشوقة وفي سياق تفهمُ المغزى الذي أراد أن يصل إليه سواء استوعبتَ المثال أو لم تستوعبه، مع الإشارة الضرورية هنا للمترجم القدير شفيق أسعد فريد الذي لم يشعرنا للحظة أننا نقرأ نصا مترجما عن لغة أجنبية.
الغريب في هذا الكتاب – شأنه شأن كتاب قصة الحضارة لديورانت – أنك وأنت تقرأ تشعر أن كاتبه ألفه في نفس واحد، في جلسة واحدة، في حالة مزاجية واحدة.
بالطبع هذا لم يحدث، لكن ما أردت قوله إن فكرة الكتاب عاشت في ذهن المؤلف زمنا طويلا حتى أضحت جزءًا من كيانه، فلما بدأ يكتبها خرجت من رحيق الفكر وعصارة التجربة متسلسلة كخلاصات ونتائج فجاء الكتاب بفصوله المتعددة روحا واحدا وفكرة واحدة وشخصية واحدة.
“الإنسان ذلك المجهول” من الكتب التي تبقى عالقة في ذاكرتك ولا تنمحي لأنها منذ السطر الأول حتى الأخير تقدم لك رؤية وفلسفة مغايرة لتلك الحياة التي ألفتها، وتطرح بين يديك منظارا إذا جاسرت وأبصرت نفسك من خلاله ربما تغيرت – أو كادت – نظرتك للحياة.
المصدر: قراءات – محمد عبد العاطي
الإنسان ذلك المجهول
للمزيد من الكتب، زوروا منصة الكتب العالمية
https://old.booksplatform.net/ar/product/jetzt-reichts-mir-aber/
https://old.booksplatform.net/ar/product/arbeite-kluger-nicht-harter/
This post is also available in: English (الإنجليزية)