الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
خارجاً في الزرقاء : خطابات من المملكة العربية السعودية 137 – 1940
أشار الكاتب في كتابه الى تعجبه الشديد عندما سمع لأول مرة جملة الكاتب أن تلك العبارة كانت قد أرسلها الرئيس السابق لشركة أرامكو لعروسه في أواخر 1930 قبل أن يتم اكتشاف النفط بكثرة الامر الذي من شأنه الى هذا التحول الكبير بالنسبة للمملكة العربية السعودية وأشار الى أنه عرف معني تلك العبارة بعد ذلك وكان يقصد بها العمل لمدة أشهر تحت السماء المفتوحة في صحراء شرق الجزيرة العربية, كما أكد أنه وبصورة عامة فان قطرة المياة في المنطقة الشرقية للصحراء تعتبر غير صالحة للشرب نظراً لكثرة الأملاح الموجودة بها.
توماس سي. بارجر هو جيولوجي ومستكشف ورجل أعمال أمريكي، ترأس شركة البترول العربية الأمريكية (أرامكو) من 1959 حتى 1969.
ولد توماس بارجر في مدينة مينيابوليس، مينيسوتا في عام 1909 والدته هي ماري بارجر ووالده هو مايكل توماس بارجر. نشأ في لينتون، داكوتا الشمالية، درس لمدة سنتين في كلية سانت ماري في وينونا، مينيسوتا تخرج من جامعة داكوتا الشمالية من كلية الهندسة وحصل على شهادة في التعدين والفلزات عام 1931 وكان قد أوشك على الحصول على شهادة في الهندسة الكيميائية، اذ بقيت عليه 12 ساعة فقط.
بعد تخرجه، تنقل بارجر من وظيفة لاخرى، فقد عمل لمدة 3 سنوات كمساح وكعامل مناجم في كندا، وعمل لمدة سنة كمهندس وفاحص ومساعد مدير في منجم للفضة والراديوم في المناطق الشمالية الغربية، وعمل كاستاذ مساعد في التعدين في جامعة داكوتا الشمالية لمدة لا تزيد عن السنتان.
قبل بارجر عرضاً من شركة اناكوندا للتعدين عن النحاس لشغل منصب فيها، ولكنه ما ان وصل لمدينة بوتي، مونتانا ليباشر عمله هناك حتى تهاوت اسعار النحاس نتيجة لتداعيات الكساد العظيم واجبره ذلك على ايجاد عمل في مكان آخر.
في اواخر الثلاثينات، كانت اثار الكساد الكبير مازالت تضغط على الاقتصاد الأمريكي وكانت فرصة الحصول على عمل ضعيفة، وهو ما اضطره ان يقبل بوظيفة عامل مناجم، إحدى الفرص التي اتيحت له في تلك الفترة كانت عرضا من إحدى جامعات الولايات لمنصب عميد كلية الهندسة والتعدين، ولكنه رفض العرض ما ان علم ان عليه ان يقضي 6 سنوات للحصول على درجة الدكتوراه. في عام 1937 جاءته رسالة من ج. أو. نوملاند كبير الجيولوجيين في شركة ستاندارد اويل اوف كاليفورنيا تدعوه للحضور لمدينة سان فرانسيسكو، اخذ بارجر اجازة من المنجم الذي يعمل به وذهب إلى سان فرانسيسكو حيث اخبره نوملاند أن الشركة لديها امتياز للتنقيب في المملكة العربية السعودية وهم في حاجة إلى مساح يعمل مع فريق السيزموغرافي هناك.
بعدها بخمسة أسابيع كان بارجر ينزل من أحد قوارب الشركة في مدينة الخبر قادما من البحرين ليلتقي بـ ماكس ستينكي ويبدأ مسيرته مع الشركة التي ستستمر لمدة 32 عاماً. في قائمة أبطال أرامكو يحتل ماكس ستينكي مكانة عالية، ولتلك المكانة مبرراتها، فالفضل يعود لحدسه واجتهاده في فك أسرار طبقات أرض شرق الجزيرة العربية، حيث ساعد ذلك في اكتشاف اول بئر زيت في شهر مارس من عام 1938 والذي أدى بأرامكو في النهاية إلى اكتشاف حقلي بقيق والغوار العظيمين.
وكان لستينكي أيضاً مكانة عالية بين رجاله، فذلك الرجل العريض المنكبين ذو الفكين الكبيرين والشغف الكبير بالعمل، كانت لديه تلك القدرة النادرة لاستخراج جميع القدرات التي تكمن داخل رجاله.
خلال الثمانية وأربعين ساعة الأولى في السعودية، كانت أولى مهام بارجر هو التعرف على جيولوجية المملكة كما كانت معروفة حينئذ، ثم ذهب في رحلة للمساعدة في مسح بعض المناطق على طول المنطقة المحاذية لقاعدة شبه الجزيرة القطرية، ثم قضى 4 شهور في استكشاف منطقة كبيرة تقدر مساحتها بـ 40 الف ميل مربع، وانخرط في رسم بعض الخرائط، ومع قدوم الصيف سافر مع زميله جيري هاريس إلى كشمير الباردة لإنهاء تقاريرهم الجيولوجية.
خلال السنتين التاليتين جاب بارجر معظم مناطق المملكة خاصة تلك التي لم تطأها أرجل الغربيين، كالدهناء ورمال الجافورة وسهول أبو بحر المقفرة والربع الخالي. كانت آخر رحلات بارجر الحقلية هي عندما اندفع نحو عمق الجزيرة العربية حتى وصل إلى ليلى والسليل عند قاعدة سلسلة جبال طويق، وهي المنطقة التي لم يراها أي أحد من منسوبي أرامكو من قبل، عدا غربي واحد كان قد اخترقها عام 1917 هو جون فيلبي.
كانت سنوات مليئة بالذكريات ومنها اكتسب بارجر صورته الاسطورية في تاريخ أرامكو، فهو ذلك الصياد النحيف الماهر الذي يستطيع ان يقتنص ببندقيته من عيار 0.22 ملم غزالا يجري بينما هو يجلس في المقعد الخلفي لسيارته المسرعة ورائه عبر السهول الصحراوية، أو يصطاد آخر بأنشوطة حبله وهو يطارده واقفاً على حافة سيارته المسرعة، وهو ذلك اللغوي الشاب الجريء الذي قام في أحد الأيام وبلغة عربية مكسرة بدعوة ملك المملكة العربية السعودية على القهوة. وهو الجيولوجي اليافع الواسع الحيلة الذي استطاع ضبط آلة السدس بشعر لحيته.
وهو العالم الجاد الذي كان يدرس اللغة العربية وجيولوجيا البترول على ضوء المصباح في خيمته، وهو عالم النبات الذي كان يجمع ويسمي نباتات الصحراء، وهو ذلك الرجل المحبوب الذي يكسب صداقة كل من التقاه من العرب.
خارجاً في الزرقاء : خطابات من المملكة العربية السعودية 137 – 1940
للمزيد من الكتب
This post is also available in: English (الإنجليزية)