الوصف
This post is also available in:
English (الإنجليزية)
تخيلات الحرب: قصة لم تحكى من داربا، وكالة البنتاجون التي غيرت العالم
لدى الكثير منّا فكرة مبهمة، أنّ لشبكة الإنترنت جذورًا في الإنفاق الدفاعيّ، لكنْ لا نمتلك تفاصيلَ متينة عن الوكالة المعنيّة بذلك.
إنّها وكالة مشاريع أبحاث الدفاع المتقدّمة DARPA المتخفّية، التي غيّرت شكل التكنولوجيا والحرب سرًّا لما يقارب الستّين عامًا، موفّرة الحلول للتحدّيات التي يواجهها البنتاغون.
وتفوح من هذه القصّة المذهلة التي يخبرها هذا الصحافي، رائحة نتن الحرب الباردة الكريهة. بعيدًا عن الإنترنت، تعتمد نجاحات DARPA (وكيل أورانج، سيّرات القيادة الذاتيـّة) على المنظور التي تراها به. أمّا فشلها، فمن السهل الاتفاق عليه..
فمن يمكن له أن يقترح تزويد حزمات الجزيئات التي تضرب الصواريخ بالطاقة عبر استنزاف البحيرات الكبرى؟
هذا الكتاب استند على العديد من المقابلات الحصرية مع كبار المسئولين في البنتاجون بجانب العديد من الوثائق التي لم يعلن عنها من قبل، كان هذا هو التاريخ النهائي لوكالة مشاريع البحوث المتقدمة للدفاع – وكالة البنتاجون التي شكلت الحرب والتكنولوجيا بهدوء منذ ما يقرب من ستين عاماً.
تأسست هذه الوكالة في عام 1958 رداً على إطلاق سبوتنيك الروسية، وكانت المهمة الأصلية لها هي ابتكار “أسلحة لا يمكن تصورها في المستقبل”.
وعلى مدى عقود، كانت داربا مسؤولة عن عدد لا يحصى من الاختراعات والتقنيات التي تمتد إلى أبعد من التكنولوجيا العسكرية.
في هذا الكتاب يمدنا شارون وينبرجر بحساب مثالي لنجاحات داربا وفشلها، وابتكاراتها الرائعة، ومخططاتها البرية.
في 4 أكتوبر من عام 1957 أصيبت أميركا بصدمة «السبوتنيك» حين تفوق السوفييت في علوم الفضاء، فأرسلوا أول قمر صناعي بقطر 58 سم، ووزن 83.6 كغ، يسابق القمر بسرعة 28.8 ألف كم/ ساعة، يطوف المدار الأرضي على شكل قطع ناقص كل 96.2 دقيقة، فحلقوا في المدار وأميركا تتفرج.
كان الرئيس الأميركي يومها «دوايت آيزنهاور»، فاستدعى نخبة القوم للتصرف. وكان الجواب ولادة مشروع سري هو «داربا» DARBA، وهي كلمة رمزية مكونة من الحروف الأولى في خمس كلمات تعني «وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة».
وكان السؤال الأميركي الأول: كيف وصل الروس إلى المدار؟ وما هي التقنية والمعلومات التي بين أيديهم؟ فقالوا إنه نظام التعليم، فقاموا بثورة في التعليم. وهو البند الأول في النهضة، ضمن مثلث مكون من ثلاثة أضلاع: التعليم والأفراد والمؤسسات. وكان الجواب الثاني هو بناء مؤسسة الفضاء المعروفة باسم «ناسا»، ويومها قال كينيدي لن يحل علينا يوم الاستقلال الأميركي إلا وقد وصل رجل أميركي إلى القمر، وهو ما كان. وتم إصلاح نظام التعليم وبنيت مؤسسة «ناسا»، فإن يسبح الروس فوق رؤوسهم، فهذا يحمل تهديداً بأن تمطر السماء عليهم بالمقذوفات.
قال القوم نحن مقدمون على حرب عالمية ثالثة لا ريب فيها، فكيف سيتواصل الدماغ الحكومي في ساعة الصفر؟ هنا قاموا ببناء نظام اتصال لاسكي يبث المعلومات ويوصل الخبراء والمسؤولين بعضهم ببعض. وهذا النظام هو «الآربانيت».
ثم مط الزمن مع الحرب الباردة، إلى حين تفكك النظام السوفييتي الشمولي، فلم يعد ثمة مبرر للسرية، فتحول النظام إلى العلنية واستخدمها القوم، كما أتذكر من صديقي الدكتور «شابسغ» حين أطلعني على ما عرف بشارع المعلومات، وهو اليوم نظام الإنترنت الذي أكتب من خلاله مقالتي هذه، فأرسلها بطرفة عين.
وهناك أمر أخطر ولد من أفرع هذه الوكالة السرية، التي جند لها خيرة العقول ووافر الأموال، قالوا: مستودعات القنابل الذرية في الاتحاد السوفييتي يجب الإجهاز عليها إذا قامت القيامة النووية! وتحضرني في هذا المقابلة التي أجرتها مجلة «در شبيجل» الألمانية مع الخبير النووي «لي بتلر»، حيث قال إنه كان هناك 12500 هدف في الاتحاد السوفييتي للمسح من الخريطة!
وصعد الأميركيون على ظهر الغمام وطوروا نظام استكشاف ذكياً يشمشم مواقع القنابل الذرية الروسية «مكان الاختبارات الرئيسي كان في صحراء سيمابالاتنسك» لقصفها بالقنابل الهيدروجينية (المشروع السري 57).
ومؤسسة «داربا» لا تنام فهي حالياً قد خصصت مبلغ 3 مليارات دولار لمشروع جديد لفهم الدماغ فهو أعظم سر في الوجود، وهل يمكن قراءة أفكار الإنسان من كهربائية الدماغ؟ وهذا بحث ممتع جداً منذ أن نجح الألماني «هانز بيرجر» في تصميم أول جهاز تخطيط دماغ كهربي (EEG) بتكبير موجات الدماغ مليون مرة ورصدها وكتابتها على الورق وتفسيرها.
والروس بارعون في التجسس. فقد ردوا على التفوق الأميركي بالدخول على ختم السفارة الأميركية الأهم في تصديق الوثائق الخطيرة (اعتمد منذ عام 1782م) وحشر جهاز مخفي يتم تحريضه بموجات راديوية من مصدر بعيد فيرسل ماشاء من الوثائق المهمة إلى ستالين. واستمر التسريب سبع سنين(1945-1952) ينقل ما يفكر فيه الأميركيون مثلاً في أزمة برلين 1948، والحرب الكورية 1950، حتى اهتدى إليها مهندس بريطاني بالصدفة فاكتشف خبراء أميركا حجم الاختراق. وقد أجرى وينبرجر مقابلات مع أكثر من مائة مسؤول سابق في البنتاجون وأيضاً علماء شاركوا في مشاريع داربا، وكثير منهم لم يتكلم علنا عن عمله مع الوكالة، ولكن قاموا بتقديم ملاحظات على عدد لا يحصى من السجلات السرية من المحفوظات في جميع أنحاء البلاد، وأيضاً على الوثائق التي تم الحصول عليها بموجب قانون حرية المعلومات، بجانب المواد الحصرية التي توفرها المصادر. تخيلات الحرب هو تاريخ مقنع ورائع يتصادم فيه العلم والتكنولوجيا مع السياسة.
عن داربا DARPA
وكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية (DARPA) يقع المقر الرئيس لـ داربا في حي ساحة آرلينغتون في ولاية فيرجينيا الأميريكية. تتبع داربا إلى وزارة الدفاع الأمريكية، وهي الوكالة المسؤولة عن تطوير تقنيات جديدة للاستخدام العسكري. وتعتبر داربا الممول الرئيس للعديد من التقنيات ذات الأثر الكبير على العالم بأكمله، ويتضمن ذلك شبكات الحاسب الآلي بالإضافة إلى الأنظمة على الإنترنت والتي من أهمها نظام الربط التشعيبي (HTTP) والأنظمة ذات واجهات المستخدم بالرسومات المعاصرة.
تخيلات الحرب: قصة لم تحكى من داربا، وكالة البنتاجون التي غيرت العالم
للمزيد من الكتب، زوروا منصة الكتب العالمية
This post is also available in:
English (الإنجليزية)