الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
نيتشه و إرادة القوة
يبحث نيتشه عن طريقة يمكن أن تتخرج منها الموجودات والأفكار والمعرفة ، دون أن يكون هناك (جوهر) أو (ذات) أو (مبادئ) مستقلة عن تلك الموجودات .. بعبارة أخرى، كان نيتشه معادياً لكل ما قد يؤدي لـ (الوحدة) أو (المطلق)، وحتى في أعماله كان مـُصراً على الكتابة بدون نسق، حتى خرجت كتبه عبارة عن شذرات تجمعها وحدة بدون الإتزام بالعلاقة النسقية للأفكار، حتى عده البعض بأنه أديباً أكثر من كونه فيلسوفا. بقي نيتشه مخلصاً لفلسفته حتى في طريقة الكتابة .
هذا الكتاب يتناول بالدراسة آخر مرحلة لنشاط نيتشه الفلسفي؛ أي المرحلة التي خطط فيها لإنجاز كتاب “إرادة القوة”.
إنه إذاً كتاب يدرس مشروع نيتشه باتجاه المستقبل، لكنه يعود، أيضاً، إلى الماضي ليكتشف هذه الإرادة في قلب الأشياء وفي كل تاريخ العالم.
يناقش هذا الكتاب عن السبب الذي دفع بنيتشه إلى الابتعاد بفلسفته عن إرادة القوة؛ التي بدا له أنه وجد فيها “حلاً لكل الألغاز”؛ لأنه بالرجوع إلى نصوصه سنجد أن نيتشه يقف ضد روح النسق وأن فكره لا ينسجم مع هذه الروح، من هنا جاءت فكرة الكاتب بتنظيم فلسفته وتلخيصها وتقديم تأويلاً فلسفياً عميقاً مفاده: “لا وجود لمركز في نظرية نيتشه، ولا لمبدأ موحد، ولا لإطار كلي (…) أن نيتشه لم يكن بإمكانه الربط بين عناصر فلسفته المختلفة، أو الجمع بينها، وتوحيدها، وتأطيرها بواسطة مفهوم إرادة القوة. لهذا السبب فإن تقديم عمل انطلاقاً من هذه القضية سيبدو مستحيلاً (…) يقول نيتشه: “إنني أحذر من كل الأنساق وأتحاشاها. لكن النسق الذي تحاشيته قد يكون متخفياً وراء هذا الكتاب…”.
وهذا يعني أنه في كل نسق تنشط طبائع قوية “لا ترى سوى نفسها في كل الأشياء، وتعتبر نفسها مقياساً لكل الأشياء” فالفلاسفة برأيه يخضعون الواقع لإرادتهم، “ويستبدون به، ويقومون بالإسقاط عليه”.
وعليه فإن نيتشه يخلصنا في الواقع، من سؤال خاطئ: فبدلاً من التساؤل عن نوع العمل، أو الكتاب، الذي كان بإمكانه جعل إرادة القوة نسقية أم لا، والذي هو تساؤل ثانوي وملتبس، من المهم التساؤل عن ماهية المبدأ الذي وجده نيتشه في إرادة القوة؛ فنيتشه ينظر إلى إرادة القوة كوجود (الوجود ليس شيئاً آخر سوى الصيرورة، لذا تسمى إرادة القوة أيضاً “ظاهرة كونية”).
أسئلة كثيرة تطرحها فلسفة نيتشه يبحثها هذا الكتاب الهام والمنطقي، الذي يبتعد عن التكلف وينشد الدقة والوضوح والترجمة العلمية بأمانة، حيث أخذ بمصطلح “إرادة القوة” كونه فاز في اللغة الرائجة، وهذه حجة يعتبرها “مفرج” لا يستهان بها في تأييد الإبقاء عليه.
نيتشه و إرادة القوة
للمزيد من الكتب
This post is also available in: English (الإنجليزية)