الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
لماذا يكذب الرجل وتبكي المرأة
تمت ترجمة هذا الكتاب بواسطة مكتبة جرير
الكتاب الذي بين أيدينا نموذج للتوجيهات والنصائح والدراسات التي يقدمها الزوجان الأستراليان ألان وباربارا بيز، والتي يقبل عليها الناس كثيرا، حتى صار الكتاب من أكثر الكتب مبيعا في العالم بنحو 400 ألف نسخة، وهو رقم يظهر المأزق الصعب الذي يعيشه الإنسان في هذا الزمن باحثا عن السعادة والاستقرار عند خبراء في علم النفس وعلم الاجتماع لأسرة تهتز عند أول منعطف، وقد تولد ميتة قبل الأوان.
“لماذا يكذب الرجال وتبكي النساء؟” تتويج لسلسلة من الكتب حول العلاقة بين المرأة والرجل والفروق بينهما، وسبل تحقيق الانسجام بينهما ليتكاملا معا بدل أن يقضي أحدهما على الآخر.
فروق جوهرية
يفتتح المؤلفان كتابهما بإبراز الفروق بين الزوجين، فيذكران أن الأبحاث العلمية -خاصة دراسة طب الأعصاب عن طريق تقنيات الفحوص الدماغية الحديثة- تؤكد أن دماغ المرأة ليس كدماغ الرجل، فالدماغ الأنثوي له طاقة أكبر من الرجل في الكلام، وهذا معناه عند النساء أن الرجال ليس لديهم ما يقولونه، و معناه لدى الرجال أن النساء ثرثارات لا يشق لهن غبار.
دماغ الأنثى متعدد الوظائف، إذ يمكن أن يرسل خمس أو ست رصاصات في الهواء في وقت واحد، بينما يقتصر دماغ الذكر على عمل واحد فقط في لحظة واحدة، ومن أكبر مشاكل الرجال التعامل مع تذمر متعدد الجوانب.
هناك فروق بين النساء والرجال في مشاهدة التلفزيون، فبما أن دماغ الرجل لا يفعل إلا شيئا واحدا في الوقت الواحد، فإنه عندما يستمع إلى مشاكل الآخرين ينسى مشاكله، فهذه طريقة ممتازة للاسترخاء، أما المرأة فلا تنسى مشاكلها رغم الانشغال في أعمال أخرى، وتحتاج إلى شخص آخر للتحدث إليه والتحرر من المشكل، وهذا من أهم أسباب المشاكل.
والتسوق مكروه عند الرجال محبوب عند النساء، وذلك لأن الرجل جُبل على الصيد السريع والمضي نحو هدف واحد، بينما جُبلت المرأة على التنزه البطيء دون هدف مسبق.
وأغلب الرجال لا يصبرون أكثر من 30 دقيقة في المتاجر الكبرى، وإذا أصرت المرأة على أن يرافقها زوجها، فعليها أن تتسوق قرب أروقة أدوات الصيانة، حيث الآلات الجديدة، فتلك مشغلة جميلة للرجال.
ضحك وبكاء
وهناك فروق بين الجنسين في المشاكل العاطفية الكبرى، فالنساء يقابلن الكوارث والأحداث التراجيدية بالتعبير الانفعالي المباشر والواضح، على عكس الرجال الذين يخفون الانفعالات، وتصبح الفكاهة أسلوبهم المفضل في الحديث عن الأحداث.
عندما نضحك، يفرز الدماغ “الأندروفينات” فيبثها في الجسم، وهي مواد تشبه في تكوينها الهيروين والمورفين، ولها أثر مهدئ للجسم وتعزز لديه جهاز المناعة. وهذا مما يفسر لماذا لا يمرض الأشخاص السعداء إلا قليلا، ولماذا يسقط التعساء بين براثن الأمراض.
الضحك والدموع مرتبطة من وجهة نظر سيكولوجية وفسيولوجية، فالذين لا يضحكون كثيرا في حياتهم اليومية، يتكون لديهم ميل نحو المخدرات والخمر والجنس للحصول على الراحة.
فالكحول يخفف من سلطة الموانع ويطلق عقال الضحك وإفراز الأندروفين، لذلك يضحك كثير من الناس المتوازنين عندما يشربون الخمر أكثر من الأشخاص التعساء الذين تستحوذ عليهم الأفكار السوداء، وقد يتحولون إلى العنف.
الذين يضحكون في غالب الأحيان يقاومون الألم أكثر، ولا يتعرضون للأمراض بسهولة، ولديهم ذاكرة جيدة، ويتعلمون بيسر، ويطول عمرهم أكثر. فالضحك إذن هو الرد الذكوري المفضل على المعاناة العاطفية، والنساء لا يفهمن هذه الآلية إلا نادرا، ويعتبرن ذلك علامة على فقدان الإحساس.
ينصح الخبيران المرأة أن لا تقابل هذا السلوك الذكوري بالمواجهة، و”لإعادة تربية الرجل” اتبعي الطريقة نفسها مع الطفل: التشجيع والمثوبة للسلوك الحسن، والإعراض عن السلوك القبيح.
وعندما تفهمين كيف يشتغل دماغ الذكر، ستكتشفين أن وجود الرجل في المنزل يمكن أن يكون شيئا آخر غير أن يكون مصدرا للنكد.
هم نسائي
يوضح المؤلفان أن المرأة مهمومة أكثر من الرجل بالعلاقات بينهما، فأكبر مؤلفي الكتب حول العلاقات الإنسانية نساء، وأكثر من 80% من القراء نساء أيضا.
وأغلب هذه المؤلفات تتناول الرجال وعيوبهم وأحسن الأساليب لتصحيحها أيضا، كما أن أكثر المستشارين المختصين في العلاقات الزوجية والمعالجين من النساء.
ويميل أغلب الرجال إلى التخلي سريعا عن العلاقة مع امرأة ما لأنهم يجدون أن التصرفات الأنثوية معقدة جدا، والصعوبات التي يجدونها تدفعهم إلى ترك الأمر كله بدل مواجهة فشل ممكن.
وكل الرجال في الحقيقة لا يقلون حاجة عن النساء في البحث عن علاقات متناغمة وسليمة وغنية، إلا أنهم يظنون أن هذه العلاقة ستسقط من السماء بدون جهد يذكر. أما النساء من جهتهن فيرتكبن خطأ عندما يعتقدن أن الحب يعني التفهم، والواقع أن هذا نادر جدا.
لذلك ليس عيبا أن يكون الجنسان “متعارضين” إذ إن المواجهة اليومية بينهما دائمة، حتى قال هيلين رولاند “يكفي أن تعرف المرأة رجلا واحدا لتفهم جميع الرجال، في حين أن رجلا واحدا يمكنه أن يعرف جميع النساء دون أن يفهم امرأة واحدة”.
تذمر مزمن
ويركز الكتاب على ظاهرة البكاء والشكوى لدى المرأة، خاصة كثرة التذمر. ويبين أن معظم النساء ينكرن أنهن يكثرن من التذمر من الرجال، لكنهن يؤكدن أن القضية مغلوطة، فهن لا يفعلن سوى تذكير الرجال بوظائفهم وواجباتهم الأسرية.
وعندما تكثر المرأة من النصائح، فإن الرجل لا يتحمل ذلك وتصبح هذه الانتقادات على رأس قائمة المآسي الزوجية عنده.
ففي الولايات المتحدة أحصى الحاسبون نحو 2000 حالة لأزواج يتخلون عن زوجاتهم بسبب كثرة التذمر هذه، وفي هونغ كونغ وجد قاض حكم بالتخفيف على زوج جرح زوجته في رأسها بضربة مطرقة لأنها هي التي دفعته إلى العنف بتذمرها المزمن.
يستقبل الزوج ملاحظات زوجته على أنها خطاب سلبي غير مباشر ومتكرر عن شخصه، وكلما ضاعفت من ملاحظاتها ركن الرجل إلى سلوك دفاعي يزيد من غضبها كقراءة الصحف والجلوس أمام الحاسوب والاستخدام الآلي لجهاز التحكم في التلفاز وقضاء بعض الأعمال المنزلية، والانحباس عن الكلام والانسداد في التعبير، وممارسة لعبة النسيان.
في المنزل، الكل يتجنب هذه المرأة المتذمرة، والجميع يتركها وحيدة.
هروب إلى الأمام يزيد تفاقم المشكلات وسوء التفاهم المتبادل، كلما زادت انتقاداتها، زادت حدتها. والنتيجة المؤكدة الوحيدة هي انهيار العلاقة بين المتذمرة وزوج لا يتحمل ارتباطا يجعله يقضي كل وقته في الدفاع عن نفسه.
الحاجة إلى الاعتراف
ويقلب الخبيران النظر في هذه “الآفة”، فيكشفان للزوج أن التذمر المزمن يعبر عن حاجة مزمنة، فالمتذمرة تطالب في الحقيقة بمزيد من الاعتراف من قبل أسرتها، إذ إن معاناة الزوجة والأم من النوع الخفي، إنها إحباط الأغلبية الصامتة. والاعتراف اليومي بجهدها وجهادها الداخلي يقضي على السبب الرئيسي لإحباطها وشعورها بالتعاسة.
كثير من النساء يشعرن أنهن البالغ الوحيد في المنزل، وأن الزوج والأولاد يتصرفون كالأطفال، الأمر الذي يقابله الأزواج بالتصرف كالصبيان الأشقياء نكاية في المرأة المتذمرة، وذلك هو بداية الانهيار في الأسرة.
التذمر يخفي وراءه مشكلا عميقا في التواصل، وعندما تبذل النساء جهدا في الكشف عن آمالهن من الرجال يستجيب هؤلاء في الغالب.
وينبغي أن يعرف أن طريقة اشتغال الدماغ الذكوري بسيطة نسبيا، وأن من النادر أن تجد رجلا يدرك ماذا تعني شريكة حياته من وراء الكلمات المستعملة، وعندما يفهم الجنسان هذا الأمر يصبح التواصل أيسر ويفقد التذمر سبب وجوده.
تقديم النصائح ليس له معنى واحد عند الجنسين، فالذي ينصح يشعر أن الأمر مهم ويحتاج إلى انتباه وأنه يقدم خدمة، في حين أن التي تستمع للنصيحة قد تشعر أن الآخر لم يأبه بحديثها.
فالمرأة تحتاج إلى الاستماع إليها وهي تتحدث وتشتكي أكثر من حاجتها إلى حلول، “فاستمع إليها كامرأة لا كرجل”.
لماذا تبكي النساء؟
كل الناس يبكون، وفي أحيان كثيرة تكون دموعهم سلاحا للتحكم في عواطف الآخرين. الرجال لا يستخدمون هذا السلاح إلا نادرا، وفي المقابل تستخدمه النساء كثيرا للابتزاز العاطفي.
تسيل دموعهن أمام وضع معين وهن يدركن أن تلك الدموع ستثير الشعور بالذنب لدى الآخر، أملا في استغلال هذا الشعور والتحكم في المعني بالأمر.
قد تكون هذه الحيلة واعية، وقد تكون غير واعية. والهدف هو دفع الآخر، سواء كان زوجا أو ولدا أو والدا أو عشيقا أو صديقا لفعل شيء ما.
وتبكي النساء أيضا لإعطاء الانطباع بأنهن نادمات على سلوك خاطئ، أو لتخفيف عقوبة يتوجسن منها.
ويشكل الرجال الغالبية العظمى لضحايا الابتزاز العاطفي، فعندما تكون لديهم رغبة في شيء ما، فإنهم يقدمون الطلب المباشر، بينما تسلك النساء سبيلا غير مباشر. ويفسر ذلك أن الرجال يتصرفون دائما على أنهم أصحاب السلطة فيوجهون ضرباتهم بالمكشوف، بينما النساء نادرا ما تكون لديهن السلطة، فيضاعفن المساحيق والتوابل للوصول إلى أغراضهن.
وعندما ننهزم أمام المبتز فإننا نسقط في فخ يصعب التخلص منه، وقد يصل المبتز مع مرور الوقت إلى التحكم التام في ضحيته على الصعيد الانفعالي والسيكولوجي والمالي.
لماذا يكذب الرجال؟
يرى المؤلفان أن كل الناس يكذبون، خاصة عند اللقاءات الأولى. وتتيح لنا الأكاذيب “البيضاء” أن نتعايش بطريقة سلمية وأن نحد من صراعاتنا.
ويؤكدان “أننا نكذب لغايتين اثنتين: لأننا نأمل تحقيق مصلحة، ولأننا نريد تجنب المعاناة”.
عندما يكذب الناس فإن أغلبهم يشعرون بالذنب وتأنيب الضمير، ولا ينجح كثير منهم في إخفاء هذا العلامات، وبهذا يسهل على شركائهم الاطلاع على كذبهم.
لن تتردد معظم النساء في اتهام الرجال بالكذب أكثر منهن، غير أن الدراسات التجريبية العلمية تبين أن الكذابين والكذابات في كلا الجنسين. ويكمن الفرق في مضمون الكذب، إذ إن النساء يكذبن لحماية الآخر وحماية علاقة هامة لديهن، بينما يكذب الرجال لحماية أنفسهم ولاجتناب الخصام، أي أن كذبهم مؤشر على “قلق الشحناء” وحيلة لتجاوزه.
وكلما كانت الكذبة كبيرة قابلتها ردود انفعالية قوية تخون الكذاب، والدراسات حول اللغة الجسدية أظهرت أن للكذاب علامات متكررة، فالرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في تصريحاته المصورة أمام القضاء في قضية مونيكا ليونسكي، كان يلمس أنفه ووجهه 26 مرة.
وصفة غير سحرية
يدرك ألان وباربارا بيز أن كتابهما لن يحل جميع المشاكل وأن ما فيه ليس وصفة سحرية، رغم أنهما جمعا حزمة من المعطيات والمشاكل عن الحياة الزوجية من نحو ثلاثين بلدا في العالم، واطلعا على نماذج من المشاكل الأسرية في شتى أنحاء المعمورة.
فالطلاق لا يزال في ارتفاع بجميع المجتمعات، وهو وحده كاف للبرهنة على الحالة النفسية المتدهورة للإنسان المعاصر وصعوبة تفاهمه مع الجنس الآخر. وهذا أيضا علامة على أن علم النفس ليس بوسعه أن يحل محل الأديان السماوية الكبرى التي أولت عناية فائقة للأسرة، وأن مشاكل الإنسان الأسرية وغيرها لن تجد حلها إلا داخل نفسه، إذا غشيتها السكينة والطمأنينة.
(الجزيرة نت)
لماذا يكذب الرجل وتبكي المرأة
العديد من الكتب العالمية يمكنكم الاطلاع عليها من خلال منصة الكتب العالمية
This post is also available in: English (الإنجليزية)