الوصف
الخائفون – رواية
أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر العربية” قائمتها الطويلة لدورتها الحادية عشرة، والتي ضمت 16 عملاً لكتاب نصفهم يظهر للمرة الأولى بالقائمة.
وضمت القائمة رواية “الخائفون” للسورية ديمة ونوس.
حول الرواية:
وتروي الكاتبة والروائيّة السوريّة ديمة سعد الله ونوس، قصة شعب تشقق الصمت فيه فصار ثورة، قبل أن تنفجر الثورة تحت ضغط آلة القمع الرهيبة، وتتشظى بعض ملامحها، من دون أن تنسى أنّها ولدت كجواب طبيعيّ على إذلال شعب كامل طوال أكثر من أربعين سنة.
والرواية مكتوبة بضمير المتكلم الذي ينطق بلسان الكاتبة نفسها، والتي لا تتلطى وراء أية شخصية متخيلة أو موهومة. وشخصيات الرواية قليلة لأن الكاتبة أرادت أن تحصر نصها في إطار عائلي وذاتي غير متشعب.
تبدأ الرواية بوجود الكاتبة – ذات الواحد والعشرين ربيعاً – في عيادة طبيب نفسي اسمه كميل، وتنشأ صداقة بينها وبين ليلى سكرتيرته، التي تسكن في حي الـ86 العلوي في المزة. وابن رئيس فرع من أفرع المخابرات أراد قنص حبيبة الأخ، فرفضت عرضه. فخطف الأخَ وعذّبه حتى فقد صوابه. ومعظم مرضى العيادة مصابون بأمراض نفسية تشبه مرض الأخ. وفي العيادة تتعرف الراوية على شاب جسيم أتى للمعالجة هو أيضاً، مع أنه طبيب. وتنشأ علاقة حب بينهما، إلى أن يُعتقل نسيم ثلاثين يوماً بتهمة تعامله مع فؤاد، أخي الراوية المعارض. فقرّر بعدها الهجرة إلى ألمانيا. وترك للراوية شقته القريبة من حي عش الورور العلوي، الواقع في الضاحية الشمالية لدمشق.
وتنقلنا الكاتبة إلى جو عائلتها: أبوها طبيب هاجر حماة قبل مجزرة 1982 واستقر في دمشق قرب حي عش الورور، أمها مولعة بالأعشاب الطبية التي كانت تجمعها لتداوي بها زوجها المريض بالسرطان، أخوها فؤاد أستاذ في المعهد العالي للفنون المسرحية وهو مؤيد للثورة، فيعتقل ولا يعرف مصيره وتصف الكاتبة علاقتها الوثيقة بأبيها المريض قائلة: “لا أذكر أنني فعلت شيئاً آخر في طفولتي غير الالتصاق به وتأمله والاستماع إلى أنفاسه والتقاط نظرته ومحاولة تفسيرها.
حفظته، وصرت أعرف ما سيقول قبل أن ينطق. لم يكن ذلك صعباً. ثمة ذاكرة مشتركة عشناها سوية بتواطؤ حزين. ثمة صراحة مرهقة. كل الأحاديث مسموحة. لا حدود تؤطر أية فكرة من الأفكار. لا وجود للمحرمات ولا لفكرة الخطأ والصواب. لا وجود للمطلق. وكل الأفكار تخضع لنقاش مستفيض لا ينتهي”.
وتستطرد الراوية الكلام عن عائلة أبيها قائلة إن حياتها مليئة بالنسوان بسبب كثرة الإناث على الذكور فيها، وإن أباها هو الرجل الوحيد. وكان غريباً في غربته، كما يقول التوحيدي: “كثير الصمت، حاسم… يخاف من تفاصيل غريبة. يخاف من البرد مثلاً ومن الرشح ومن التهاب الحلق. يخاف من السفر والانتقال من مكان إلى آخر. يخاف الزحام، وترهقه التجمعات الكبيرة. كان يخاف مثلاً أن أختنق وأنا أتناول طعامي، فيظل يراقبني طوال الوقت”. وعلى القارئ أن يلاحظ عدد المرات التي وردت فيها كلمة “خوف”؛ وهي بالعشرات. ولا يفوتها أن تذكر – وهي التي تعبد أباها – أن أمّها السنيّة الدمشقية سرقته وسرقتني، تقول: “حرمتني أمي من أبي، فحرمتني من الامتلاء به؛ كان والدي هو ظلي”. أما أبي “فلم يترك لي عائلة قبل رحيله كان هو العائلة بأكملها، ورحل”.
ولأن الكاتبة لا تريد أن تسمي هذا الأب “سعد الله ونوس” باسمه، فإنها أبقته مُغْفَلاً؛ ولكي تخلق جواً من التمويه المكشوف، تكلمت عن أخ لها اسمه فؤاد يعمل في المسرح واعتقل واختفت أخباره؛ وقالت إن الأب حموي وطبيب يعمل في عيادة دمشقية يعلّق على جدارها صورة الرئيس توجساً. والكل يعلم أن سعد الله لم ينجب سواها.
ولكي تبرر الكاتبة عنوان روايتها، راحت تتكلم كثيراً عن هذا الخوف. تقول إن هناك 23 مليون سوري خائفون. وتتساءل: “ألا تكفي السنوات الخمس لإزاحة الخوف من يومي؟ في الواقع، هي لم تزحه ولم تستبدله بمخاوف أخرى، بل راكمت فوقه مخاوف جديدة، حتى بات دماغي معملاً لإفراز كل أنواع القلق والخوف والهلع والوحشة وضيق التنفس واضطراب نبضات القلب وكل ما من شأنه العبث بطمأنينة عابرة لا تزورني إلا في الليل مع انقضاء يوم جديد. أخاف، فأفكر بالخوف. وإذا فكرتُ بالخوف، أخاف. وربما يكون الخوف هو الشعور الوحيد الذي يصعب توطين الروح فيه. يصعب التعايش معه أو التصالح […]. يتأجج خيالي في إنتاج الخوف والقلق ويتلكأ أمام الطمأنينة، ربما لأنه يدافع عن نفسه بالخوف”. وتقول عن صديقها الطبيب نسيم: “هل أحببتك لأنك كوالدي، طبيب، وتخاف من أن تخاف؟” في حين أن نسيم يرى “أن الخوف ليس سوى حالة دفاع ووسيلة حماية” اخترعتُها لأستطيع العيش… إنه محرض على الحياة، ولولاه لخسر دافعه للعيش.
عن المؤلفة:
درست الأدب الفرنسي في جامعة دمشق.
كتبت في الصحافة العربية (“السفير” و”الأخبار” في بيروت) مقالات عدة في المجالين الثقافي والسياسي. عملت لعدة سنوات في مجال الترجمة الإخبارية. صدرت لها مجموعة قصصية بعنوان “تفاصيل” في العام 2007 – دار المدى. شاركت بكتابة تعليق في الطبعة الجديدة لكتاب “النقد الذاتي بعد الهزيمة” للمفكر صادق جلال العظم الذي أصدرته دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع في العام 2007. في العام 2008 صدرت روايتها الاولى “كرسي” عن دار الآداب البيروتية. تعمل حالياً معدة ومقدمة للبرنامج الثقافي “أضواء المدينة” في قناة “المشرق” الخاصة
للمزيد من الكتب.. زوروا منصة الكتب العالمية