الوصف
مقدمة الكتاب:
يتناول الكتاب قضية القدس كإحدى أهم قضايا الصراع العربي الصهيوني عموما والفلسطيني الإسرائيلي خصوصا ، وهو عبارة عن مجموع مساهمات لباحثين وأكاديميين متخصصين تطرقوا للقضية بكل إبعادها الحضارية والدينية ،السياسية والعسكرية ، الاجتماعية والديموغرافية، التاريخية و الانتربولوجية.
ومن خلال ذلك قدم مضمون الكتاب قراءة في سيرورة الماضي الاستعماري،واستقراء في الحاضر الاستيطاني التوسعي الإسرائيلي،و استشراف لمستقبل المدينة في ظل المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية الجديدة ،وخاصة منها التأثيرات الكبيرة للسياسة الخارجية الأمريكية الجديدة في ظل الإدارة الترامبية.
تنفرد مدينة القدس عن باقي مدن العالم بطابعها الحضاري الفريد من نوعه ، فهي نقطة تماس وتقاطع الرسائل السماوية الثلاث لما لها من أهمية عظيمة لدى المسلمين والمسيحيين واليهود في أن واحد .
لقد جعلت هذه الميزات من المدينة- لحقب تاريخية طويلة – مدينة المتناقضات فهي مدينة التعايش والتنافر،والسلام والصراع والصدام في آن واحد.
شكلت المدينة على مر التاريخ موطن التقاء الحضارات والديانات، وتزاوج وتلاقي الشعوب و الأعراق وموطن تصادمها أيضا ،فقد تداولت على حكمها العديد من الحضارات كالحكم الفارسي والروماني المسيحي فالعربي الإسلامي الذي استمر حتى القرن العشرين ،وحتى هذه الفترة حافظت المدينة على طبيعتها وأصولها العربية ،غير أن هذا الطابع سرعان ما تغير مع الانتداب البريطاني الذي انتهى بقرار التقسيم الأممي بتاريخ 29نفمبر 1947م الذي أنشأ دولة يهودية مساحتها 56.47 بالمائة من فلسطين التاريخية ،ودولة عربية على مساحة 42.88بالمائة ،فيما وضعت القدس تحت وصاية الأمم المتحدة.
تسارعت الأحداث والوقائع مع القرار البريطاني بإنهاء الانتداب عشية 14ماي 1948م،ليتم الإعلان عن قيام “إسرائيل” في اليوم التالي،ليفتح فصل آخر من فصول الصراع حول المدينة ،أين سيطرت العصابات اليهودية على أجزاء واسعة منها،ليتم احتلال الجزء الشرقي عام 1967م وضمه لما تم احتلاله من قبل .
لم يكن الأمر مجرد احتلال كغيره من النماذج الاستعمارية ،فسرعان ما انكشفت الاستراتيجية الصهيونية الاسرائيلية الاستيطانية الاحلالية الأبرتهايدية التوسعية في المدينة المدعمة بتبريرات دينية توراتية و خرافات تلموذية بالحق اليهودي التاريخي والديني في “اوشليم” ،والهادفة الى السيطرة عليها بجزأيها الشرقي والغربي من خلال سياسات التهويد المكاني و الزماني و محاولة تغيير طابعها الحضاري العربي الاسلامي من جهة ،ومن ثم السياسي والقانوني من جهة أخرى.
بيد انه ابتداء من العام 1967م،ومرورا بانطلاق المسار التفاوضي منتصف تسعينات القرن الماضي وما عرفه هذا المسار العاثر من انعكاسات على أحدى أهم وأخطر قضايا الحل النهائي ،ووصولا للسنوات الاخيرة وما تعرفه المدينة من خطط وسياسات واستراتيجيات إسرائيلية هادفة الى الوصول إلى هيمنة كلية وتصفية نهائية للقضية لكن وفق منظور الأمر الواقع الاستيطاني الاسرائيلي المدعوم اقليميا ودوليا ،بما يصعب على الفلسطينيين العودة عليه .