زعامة المرأة في الإسلام المبكّر بين الخطاب العالِم والخطاب الشعبي

عنوان الكتاب زعامة المرأة في الإسلام المبكّر بين الخطاب العالِم والخطاب الشعبي
المؤلف ناجية الوريمي بو عجيلة
الناشر دار الجنوب
البلد تونس
تاريخ النشر 2018
عدد الصفحات 208

أشتري الكتاب حقوق الترجمة

الوصف

تعدّ قضيّة المرأة من إحدى معضلات التحديث في الإطار العربي الإسلامي. وعلى الرّغم من محاولات تعديل النّظر في وضعيّة المرأة فإنّ المشكلة ظلّت هاجسًا بحثيًّا مستمرًّا. ولعلّ مردّ صعوبة الحسم في هذه القضيّة إلى أنّ الخطابات الرّسمية الموروثة قد رسّخت في الأذهان صورة نمطيّة دونيّة للمرأة صارت بموجبها على مدى العصور مسلّمة يُستند إليها في إقصاء المرأة من المشاركة في الشأن العامّ. لذلك تعالت الأصوات المنادية بتغيير هذه الصّورة السّلبية عبر الكشف عن آليات اشتغال الخطاب الخاضع للضوابط الثقافية الرّسمية وخلفيّاته مع إيلاء الخطاب التّاريخي الشّعبي الأهميّة القصوى بما أنّه تضمّن اعترافات صريحة بزعامة المرأة وبقدرتها على إدارة الشؤون السّياسيّة والعسكريّة.

ويندرج كتاب “زعامة المرأة في الإسلام المبكّر بين الخطاب العالم والخطاب الشّعبي” ضمن الدّراسات التّي اهتمّت بحضور المرأة سياسيًّا وعسكريًّا في فترة متقدّمة من التّاريخ الإسلامي. إذ حاولت الباحثة ناجية الوريمّي أن تعرض للقارئ موقفين مختلفين من زعامة المرأة: موقف سلبيّ ساد الخطاب العالم وآخر إيجابي مبثوث في الثقافة الشّعبية. لذا سينصبّ جهدنا على التّعريف بهذا الكتاب وإجمال أهمّ ما ورد به من أفكار معقّبين في خاتمة العمل ببعض الملاحظات حول هذا البحث.

التقديم الماديّ:

نشرت سلسلة معالم الحداثة كتاب “زعامة المرأة في الإسلام المبكّر بين الخطاب العالم والخطاب الشّعبي” وتكفّلت دار الجنوب التّونسية بطبعه للمرّة الأولى سنة 2016. أمّا صاحبة الكتاب ناجية الوريمّي بوعجيلة فهي أستاذة الحضارة العربيّة بالمعهد العالي للعلوم الإنسانية جامعة تونس المنار. تهتمّ بقراءة التّراث وإشكالية التّحديث وقد صدر لها العديد من المؤلّفات مثل “الاختلاف وسياسة التّسامح” بيروت – الدّار البيضاء 2015 و”حفريّات في الخطاب الخلدوني” تونس 2008. و”الإسلام الخارجي” بيروت 2006 و”في الائتلاف والاختلاف: ثنائية السّائد والمهمّش في الفكر الإسلامي القديم”- سوريا 2004 وترجمة “حرّاس الإسلام علماء الأزهر في مصر المعاصرة” لمليكة الزّغل. تونس 2015.

ويتألّف الكتاب من 205 صفحة وزّعت كالآتي:

– من ص 9 ← ص 26: مقدّمة الكتاب: التأريخ بين الخطاب العالم والخطاب الشّعبي.

– من ص 27 ← ص 93: الباب الأوّل: “زعامة المرأة في الخطاب التّاريخي العالم” وقد تضمّن إضافة إلى التّمهيد ثلاثة فصول وردت كالآتي:

* الفصل الأول: من 28 ← ص 51: سجاح مغامرة النبوّة وقصور الأنثى.

* الفصل الثاني: من ص 52 ← ص 85: عائشة: المغامرة السّياسية وفشل الزّعامة.

* الفصل الثالث: من ص 85 ← ص 93: الكاهنة دهيا: الذّكر ينقذ الأنثى.

– من ص 95 ← ص 119: الباب الثاني: “الخطاب التاريخي العالم وتوجيه دلالات الزّعامة” وقد تفرّع إلى ثلاثة فصول:

* الفصل الأول: من 95 ← ص 100: إقصاء صيغة المؤنث من مصطلحات الزّعامة.

* الفصل الثاني: من ص 101 ← ص 111: الزّعامة واستعمالاتها في الخطاب العالم.

* الفصل الثالث: من ص 111 ← ص 119: الخطاب العمراني وتنميط الصّورة السّلبية للمرأة.

– من ص 121 ← ص 185: الباب الثالث: “زعامة المرأة في الخطاب التاريخي الشعبي من خلال “فتوح” الواقدي وقد توزّع على ثلاثة فصول.

* الفصل الأول: من 121 ← ص 138: انفجار النصّ الأصلي وخضوع الكتب الفروع للتداول الشفويّ.

* الفصل الثاني: من ص 138 ← ص 164: بطولة المرأة وزعامتها في الخطاب التاريخي الشعبي من خلال “فتوح” الواقدي.

* الفصل الثالث: من ص 164 ← ص 185: ردّ الخطاب العالم: بدعة المرأة البطلة وقد قسّم إلى ثلاثة عناصر فرعية وردت كالآتي:

أ) الخطاب التاريخي الرسمي ودور المرأة في الفتوح.

ب) الخطاب السياسي وتحذير العالم للسائس من المرأة.

ج) الخطاب الفقهي وتحريم المشاركة العسكرية للمرأة.

– من ص 187 ← ص 196: الخاتمة.

مضمون الكتاب:

مقدمة الكتاب: التأريخ بين الخطاب العالم والخطاب الشّعبي

أشارت الكاتبة في مستهلّ المقدّمة إلى أنّ مفهوم الزّعامة في الخطاب التّاريخيّ أساسيّ وإشكاليّ في الآن ذاته. وأعلنت أنّها ستركّز بحثها على رؤية المؤرّخين الرّسميين لزعامة المرأة بغاية تفكيك آليات خطابهم وكشف خلفيّاتهم الذّكورية على اختلاف مذاهبهم. كما وعدت بمقارنة هذه الرؤية بمواقف الخطابات التاريخية الشعبية غير المعترف بها رسميًّا ليتسنّى لها رصد مظاهر التّباين القائمة بينهما وإن اشتركا في الغاية الوعظية الاعتبارية. فالخطاب الشّعبي حسب الكاتبة منفلت عن الرّقابة. لذلك فهو يستجيب لأفق انتظار فئة واسعة من المتقبّلين. أمّا الخطاب الرّسمي المكتوب فإنّه يخضع لاستراتيجيات سلطويّة تشذّب حقائق الماضي وتحوّله إلى خزّان تستمدّ منه مشروعية وحججًا تضفي عليه صفة الواقعية والتاريخية وتضمن به عوامل استقرار النظام الذي تريد.

وبما أنّ الخطاب الرّسميّ المكتوب قدّم تاريخ الزّعامة بطريقته فإنّ الباحثة ارتأت تفكيك آلياتها التأسيسية ومقارنتها بالتصوّر الشعبي للمفهوم ذاته في مرحلة الإسلام المبكّر واعدة القارئ بدراسة زعامات نسائية عمل الخطاب التاريخي العالِم على تهميشها خلافًا للخطاب التاريخي الشعبي المحتفي ببطولة المرأة خاصّة أثناء الفتوحات. ثمّ ذكّرت بأنّ تمثّل زعامة المرأة في الخطاب التاريخي شديد الصّلة بالتصوّر السّائد حول مكانة المرأة في الثقافات القديمة لأنّه على المستوى الرّمزي مجدّت الأساطير الألوهة المؤنثة أمّا على المستوى العمليّ فإنّ ظاهرة تزّعم المرأة لم تكن أمرًا غريبًا قبل الإسلام وبُعَيْدَه.

وتستشهد على ذلك بالأحكام التي صاغها الماوردي في فصل تدبير الحرب دون أن يستثني منها المرأة هذا بالإضافة إلى أنّ الحروب ذات النّزعة القبلية الاستيطانية تقتضي وجوبًا حضور المرأة عسكريًّا وسياسيًّا. وقد برّرت الباحثة خوضها في مسألة زعامة المرأة في الإسلام المبكر بعاملين: أوّلهما تغييب الحديث عن المرأة في موضوع الخلافة والإمامة في مرحلة التأسيس، وثانيهما ابتعاد الدّراسات الممجّدة لبطولات المرأة زمنيًّا عن فترة الإسلام المبكّر. ولم تخف الصّعوبات التي اعترضتها أثناء العمل كقلّة المصادر المتًّصلة بالخطاب التاريخي الشعبي واضطرارها إلى التّعويل كليًّا على كتاب “الفتوح” المنسوب إلى محمّد بن عمر الواقدي. وفي ختام المقدمة نبهت الكاتبة إلى خطة البحث التي ستتوخّاها أثناء العمل ثمّ قدمّت أبوابه وفصوله.

I) زعامة المرأة في الخطاب التّاريخي العالم.

1) سَجَاح: مغامرة النبوّة وقصور الأنثى.

اعتبرت المؤلفة مغامرة سجاح حدثًا لافتًا للانتباه لكنّ الخطاب التّاريخي الرّسمي تعمّد تهميشه. وذكّرت بأنّ هذا الحدث مندرج ضمن حركات الارتداد التّي اتخذّت من ادّعاء النبوّة مبرّرًا لزعامة العرب بعدّة أشكال أشهرها السّكوت عن سيرة قادة التمرّد إلاّ في مرحلة مناوأة قريش وأحلافها. ويزداد الإقصاء حدّة خاصة مع سجاح لا لكونها حاربت قوم الرّسول فحسب بل للتّحذير أيضًا من قبول تزّعم المرأة حركة سياسية أو عسكرية.

واستنتجت الكاتبة ثلاث آليات خطابية تظافرت في النصوص التاريخية الرّسمية لتشويه زعامة سجاح وهي تباعًا: آلية الإضافة وآلية التّعديل ثم آليّة التغييب، إذ تكمن الإضافة في افتعال الطّبري محاورة جنسية بين سجاح ومسيلمة أفضت إلى إغوائها وتجريدها من زعامتها وإخضاعها لسلطته. فبأسلوب الوصم الجنسويّ نُقضت زعامة سجاح ونبوّتها خلافًا للأساليب التي ردّ بها المؤرخون على مدّعي النبوّة من الرّجال كمسيلمة وطليحة الأسدي والأسود العنسي. وعلاوة على الإضافة تبرز كذلك آلية التّعديل عند التغافل عن الطابع العسكريّ لحملة سجاح مقابل التّركيز على الجانب الجنسيّ وتضخيمه حتّى تتحوّل هذه الحملة من طموح نحو زعامة دينية وسياسية إلى مجرّد مغامرة جنسيّة ورحلة بحث عن الفحولة. أمّا الآلية الخطابية الأخيرة فهي قائمة على التّغييب إذ عمدت بعض النّصوص التاريخية إلى الإيجاز المخلّ في الحديث عن سجاح أو إلى السكوت التّام عن إنجازاتها.

2) عائشة: المغامرة السّياسية وفشل الزّعامة.

عدّت المؤلفة تمرّد عائشة على الخليفة عليّ حدثًا أحرج المؤرخين فعمدوا إلى استراتيجية ثلاثية تدين زعامة المرأة من جهة وتحافظ على علوّ مكانة عائشة من جهة أخرى.

وتتجلّى الإستراتيجية الأولى في تبرئة عائشة من إثم الخروج باستبعاد عائشة من دائرة الصّراع السّياسي بين عثمان وعليّ كما برّر تحرّكها من المدينة نحو البصرة بحثّ المسلمين على القصاص من قتلة عثمان لا غير بل إنّ بعض المؤرخين نفوا دورها التّحريضيّ وركّزوا في المقابل على مساعيها للإصلاح بين المتخاصمين. أمّا بعضهم الآخر فإنّهم فنّدوا توتّر علاقتها بعليّ أو نسبوا إليها نصوصًا تاريخية تدعّم ندمها وتوبتها عن الخروج للحرب.

ولا يختلف الخطاب الإباضي عن الخطاب السنّي في طريقة تصويره لخروج عائشة بما أنّه برّأها من تهمة التّمرد والزّعامة وحمّل طلحة والزّبير مسؤولية التّغرير بخالتهما. أمّا الإستراتيجية الثّانية فتبرز في النّقد غير المباشر أي بتحويل الإدانة من عائشة إلى الجمل. إذ يحضر الجمل عوضًا عن عائشة في أغلب أخبار التمرّد كأن تسمّى الحرب باسمه أو ينعت تابع عائشة بالجمليّ فضلاً عن تحوّله إلى شخصيّة تاريخية تحمل اسمًا وتفرد لها سيرة انتهت بهزيمتها وهلاك تابعيها. فانتهاج المؤرخين في نظر المؤلفة أسلوب التورية لا يحافظ على قيمة عائشة الدّينية فحسب بل يدين أيضًا ضمنيًّا المشاركة النّسائية في الشّأن السيّاسي والعسكريّ، كما يدعّم في الوقت نفسه صورة امرأة الخدور التّي يرتضيها الفقيه.

وإضافة إلى الاستراتيجيّتين السّابقتين تفطّنت المؤلفة إلى إستراتيجية النّقد المباشر لزعامة المرأة وإن كانت زوج الرسول. ذلك أنّ المؤرخين الرّسميّين أمعنوا في تخطئة امرأة صحابية دون بقيّة الصّحابة من الرّجال المنخرطين في الفتن. وإلى جانب هذا التعسف انتقدت عائشة بسبب تحوّلها من معاداة عثمان إلى المطالبة بالقصاص من قتلته دون تقديم التبريرات الكامنة وراء هذا التغيير ليبدو فجئيًّا واعتباطيًّا. وسلّط الضّوء على الأخبار التي تقر بهتك حرمة زوجة الرسول بعد هزيمتها. بل إنّ من المؤرخين من أدان صراحة تأجيجها نار الفتنة بين المسلمين وعصيانها أوامر الله بملازمة بيتها ومنهم أيضًا من أحجم عن ذكر حضور نساء أخريات ساندن تمرّدها حتّى تجعل زعامة عائشة بدعة وشذوذًا.

وبالنّظر إلى المدوّنة الشيعية تبيّنت الكاتبة مدى إقذاعها بقائدة التمرّد على الإمام عليّ إذ وسمت عائشة بالعناد والحمق وضعف الرّأي والنّشوز عن مكانها الطّبيعيّ والوقوع في الخطيئة، فضلاً عن شيطنة جملها. ولن يتوّقف الخطاب الشيعي عن إدانة زعامة عائشة فحسب بل إنّه سيعمّم موقفه على بقيّة النّساء بالدّعوة إلى إقصاء المرأة من الشّأن العامّ واستند في ذلك على أحاديث نسبت إلى عليّ حتى تكرّس صورة سلبية للمرأة مطلقًا. لذلك استنتجت الكاتبة انسجام المذاهب على اختلافها في ترسيخ قيم التفاضل ووصم زعامة المرأة والعمل على توفير الأرضية التاريخية والفقهية المحافظة على أنموذج امرأة الفقيه.

3) الكاهنة دهيا: الذكر ينقذ الأنثى

اعتبرت الباحثة الكاهنة دهيا أنموذجًا مختلفًا عن سجاح وعائشة، وهذا ما يفسّر تغيّر آليات الخطاب التّاريخي في مقاربة زعامتها. فبالإضافة إلى انتقاد تجربتها السّياسية والعسكريّة ركّز المؤرخون على عامل الأمومة وإنجاب الذّكور لتزعّم قومها. ولئن أقرّوا بانتصاراتها العسكريّة على جيوش المسلمين في بداية المعارك فإنّهم عابوا عليها جورها وفساد رأيها في قيادة البلاد والعباد. وتجاهلوا ذكر الأسباب الموضوعيّة المؤدية إلى هزيمتها على يد حسّان بن النّعمان ويبلغ الاستنقاص حدّه في التغافل عن خصالها القياديّة وتبرير زعامتها للبربر بإنجاب الأبناء الذّكور. وترى الكاتبة مسألة نصح الكاهنة ابنيها بالالتحاق بجيش المسلمين أمرًا مشكوكًا فيه ومفتعلاً لإدانة الكاهنة بالعناد والغباء السياسي من ناحية ولحصر المرأة في ما تمدّ به المجموعة من أبناء ذكور من ناحية أخرى. ثمّ تستنتج في خاتمة الباب الأول أنّ الخطاب التاريخي العالم شكّل صورة الكاهنة في مظهرين أوّلهما سلبيّ مقترن بها لوحدها وثانيهما إيجابيّ لا يستمّد مشروعيّته إلاّ بوجود الفاعلين الذّكور فغاية الخطاب إذن تكريس مسلّمة السّيادة الذّكورية كما هو الحال في تعامله مع زعامتي سجاح وعائشة وإن اختلفت النّماذج وتنوّعت استراتيجيات الخطاب.

II) الخطاب التّاريخيّ وتوجيه دلالات الزّعامة.

1) إقصاء صيغة المؤنث من مصطلحات الزّعامة

تنبه الكاتبة على أنّ النّصوص التّاريخية التي استند إليها الخطاب التّاريخي العالم خالية من مصطلحات الزّعامة والرّئاسة والقيادة عند الحديث عن تجارب زعامة نسائية وتدلّل على هذا الإقصاء الاصطلاحيّ بعدّة نماذج نصيّة. فالطّبري يحجم عن استعمال أيّ صفة تدلّ على قيادة سجاح لكنّه يصف أتباعها من شيوخ القبائل بالرؤساء بل تجده في بعض المواضع يتقوّل على سجاح ليثبت تنصّلها من الزّعامة أو يتدخّل في منطق الأحداث ليجعل تحركها العسكريّ وصمة عار على قومها. ولا يختلف الأمر مع عائشة بما أنّ المؤرخين غيّبوا عن تمرّدها سجلاّت القيادة واكتفوا بتسميتها بأمّ المؤمنين أو عائشة أو المرأة. وبتفحّص تجارب زعامة نسائيّة أخرى تفطّنت الباحثة أيضًا إلى خلوّ نصوص التّاريخ الرّسمي من مصطلحات الزّعامة كما هو الشّأن مع أروى الصليحية ملِكة اليمن إذ يستعمل المؤرخ اسمها الشّخصّي أروى الحرّة ولا يصفها بالملكة في أيّ مناسبة في حين يوصف الأمراء التّابعون لها بالملوك. وينسحب الإقصاء أيضًا على تركمان خاتون لأنّه على الرّغم من علامات الملك الحاصلة لها فإنّ ابن خلدون يتغافل عن تسميتها بالسّلطانة مثلما أنّه تغافل عن وسم شجرة الدّرّ بالملكة واكتفى باستعمال اسمها الشّخصّي وإن أقرّ بمظاهر تحكّمها في إدارة دولة المماليك.

2) الزّعامة واستعمالاتها في الخطاب العالم.

أكّدت الكاتبة أنّ الخطاب التّاريخي الرّسمي قد رسّخ صيغة المذكّر في دلالات الزّعامة، فمهما اختلفت معايير المؤرخين في تقييم الزّعامات الرّجالية فإنّ شرط الذّكورة يظلّ المحدّد الرئيسيّ للاعتراف بالزّعامة. ثمّ انتقلت إلى رصد طرق إجراء مصطلحَيْ الزّعامة والرّئاسة ضمن صنفيْن من الزّعامات: صنف محمود وآخر مذموم، إذ اتّخذ مفهوم الزّعامة في النّوع الأوّل دلالة قبليّة لكونه أطلق على أشراف القبائل ومشائخها ورؤسائها. لكنّ ابن خلدون، من منطلق عرقيّ، ميّز بين الرّئاسة والزّعامة بما أنّه استعمل مصطلح الرّئاسة لتسمية الشّكل السّلطويّ القبليّ بالمغرب الإسلامي أي القبائل البربريّة غير العربيّة. ومع ظهور مؤسسات الدّولة حافظ مصطلح الزّعامة على دلالته القبليّة غير أنّه أطلق أيضًا على ذوي المناصب العليا في الدّولة أو الحكاّم ذوي المرجعيّة العقليّة. أمّا بالنسبة إلى نوع الزّعامات المذمومة فقد أجري مصطلح الزّعامة لوسم القيادات غير العربية والمسلمة بل إنّ ابن خلدون جعله مرادفًا للقيادة غير الشرعية والمسبّبة للفتن.

وتختم الباحثة هذا الفصل بالإشارة إلى أنّ العلماء على اختلاف تقييماتهم للزّعامات يلتقون في مسلّمة واحدة وهي أنّ القيادة والسّلطة شأن رجاليّ لأنّهم اتفقوا على استبعاد المرأة من قائمة الزّعامات المحمودة والمذمومة على حدّ السّواء.

3) الخطاب العمراني وتنميط الصّورة السلبية للمرأة.

اعتمدت الكاتبة في هذا الفصل على آراء ابن خلدون باعتباره رائد الخطاب العمراني، إذ استعمل مصطلح الرّجولة مرادفًا للقوّة والحزم ونقيضًا للأنوثة الدّالة على أخلاق الضّعف والاستكانة، وأحاطه بدلالات تمجيدية غير مذكورة في المعاجم. وينضاف إلى كلّ ذلك أنّه فسّر أسباب جبن أهل الحضر بتخلّيهم عن رجولتهم وتشبههم بالنّساء في القعود عن حماية النفس والخنوع، بل إنّه وظّف التصوّر الفقهيّ السّائد ليؤكد ضعف عقل المرأة وارتهانها للرّجل وعجزها عن العمل السّياسي مقابل ترسيخ معاني القدرة والقوّة للرّجل في هذا المجال. وباستعراض نماذج من تجارب حكم نسائية ساقها ابن خلدون في “كتاب العِبَر” يتّضح للباحثة استثماره علم العمران حتّى يكرّس صورة سلبّية لزعامة المرأة وليوثّق الصّلة بين مفهوم العصبيّة وذكورية السّلطة شأنه في ذلك شأن قدامى المؤرّخين.

III) زعامة المرأة في الخطاب التّاريخي الشّعبي من خلال “فتوح” الواقدي.

1) حقيقة كتب: “الفتوح” المنسوبة إلى الواقدي: انفجار النصّ الأصلي وخضوع الكتب الفروع للتداول الشفوي

أكّدت الكاتبة في بداية هذا الفصل أنّ القصّ في المجالس والمنتديات يتداخل فيها المكتوب بالشّفوي، فضلاً عن أنّ العامّة تقبل على نوعية الأخبار المتداولة في مجالس السّهر لكونها حافلة بالمبالغات والعجائب التي تصوّر البطولات الفرديّة والجماعيّة لا سيما بطولات الفاتحين. ثمّ أشادت بدور الواقدي في تأثيث هذه المنتديات من خلال كتاب “الفتوح” أي “فتوح الشّام” و”فتوح مصر والإسكندرية” و”فتوح الجزيرة والخابور وديار بكر والعراق” و”فتوح إفريقية”. وقد سعت إلى إثبات اتّصال هذه الكتب بالثقافة الشعبية من ناحية وتشظّي نصّ الواقدي الأصلي إلى نصوص فرعيّة خاصّة بكلّ منطقة مفتوحة من ناحية أخرى. ثمّ لخّصت القرائن التي استندت إليها لدعم رأيها في قسمين: أوّلها جملة الخصائص العامّة المتعلّقة بالكتب ومؤلفها الأصلي وثانيها جملة الخصائص النّصية البنيوية. فبالنسبة إلى صنف الخصائص العامّة ترجّح الكاتبة أنّ كتب الفتوح متفرّعة عن كتاب واحد وهو التّاريخ الكبير، وأنّ المادة الأقرب إليه موجودة في فتوح العراق وفتوح مصر ما عدا فتوح إفريقية. وتفسّر هذا الاستثناء بما استقرّ من تقسيم للعالم الإسلامي إلى مشرق ومغرب وبخضوع الكتاب الأصلي للتداول الشفوي المغاربي، وهو ما أكسبه سمة قصصّية مختلفة عن بقية كتب الشّرق. وعللّت تشظّي النصّ الأصلي إلى نصوص فرعية بتوق أهالي كل منطقة إلى سماع البطولات الخاصة بأسلافهم. ولئن أقرّت بمحافظة كتب “الفتوح” على مقومات النصّ الأصلية فإنّها أكدّت في الآن ذاته احتواءه على إضافات ومعطيات شفوية يصعب إثباتها إلا بالتعويل على كتاب فتوح الشام بوصفه مرجع نظر لاستخراج القرائن الدّالة على التّداول الشّفوي في بقية كتب الفتوح. إذ أنّ انتشار هذا الكتاب في الأوساط الشعبيّة ببلاد الشّام دليل على أنّ الخيال الشّعبيّ قد جنح لتغذية غرور الذّات الجماعية وحجّة على أنّ قراءته صارت تقليدًا جماعيًّا شفويًّا. وينضاف إلى هذه الخصائص الاجتماعية تفرّد الواقديّ بمنهج تجريبي ذي ميزتين: تتمثل الأولى في الاتصال المباشر برواة تلقائيّين ممن لهم علاقة عملية بالحادثة. أمّا الميزة الثانية فتكمن في القدرة على التواصل مع العامة والارتقاء بالمادة التاريخية المتداولة شفويًّا إلى مرتبة المعترف به علميًّا. وفضلاً عن خاصيّة المنهج التجريبيّ تميّزت مدوّنة الواقدي التاريخية بخصائص أسلوبية مثل العناية بالتفاصيل والإسهاب في الاستطرادات ومراعاة البنية الرّوائية المشوّقة. لذلك خلصت الكاتبة إلى أنّ طريقة الكتابة في النصّ الأصليّ قد شكّلت أرضيّة ملائمة لتبني الرّواية الشعبية زياداتها ومبالغاتها الأمر الذي دفع شقّاً من علماء التّاريخ إلى التشكيك في صحّة الأخبار الواردة بكتاب الفتوح وفي نسبته إلى الواقديّ أصلاً.

ورجّحت احتواء النّص الأصليّ على قدر مهمّ من بطولات المرأة العربية في الفتوح لكن التّداول الشّفوي عمد إلى تضخيمها. أمّا بالنسبة إلى الخصائص النصيّة البنيوية فإنّ العديد من المؤشرات توحي بالإضافة والتداول الشّفوي كتواتر بعض الفقرات بطريقة كثيفة وعشوائية في محاولة لتأكيد صحّة الأخبار، أو من قبيل حرص الكاتب في خاتمة مصنّفه على التوجّه بالخطاب إلى المستمع والقارئ على حدّ سواء، والحال أنّ مقام التواصل ينتمي إلى دائرة المكتوب لا الشّفوي. وبتقصّي بنية الخطاب تفطّنت المؤلفة إلى أنّ أقسامًا من الكتاب قد وضعت من قبل راو مجهول الهويّة قد يتدخّل أحيانًا لتوضيح بعض المسائل والمقارنة بين رواية الواقديّ وروايات غيره من المؤرخين، أو يروي عن غير الواقديّ أو يورد سلسلة إسناد مضطربة ومختلفة لا تتشابه إلاّ في الأخبار المضّخمة، إضافةً إلى أنّه يغفل أحيانًا أخرى عن تسمية شاهد العيان الأوّل للحادثة، ويعضد الاضطراب في النّقل الاختلال في منطق الرّواية والتّشويش في تقديم الشّخصيات. وبالنّظر إلى أسلوب الكتابة تبيّن للباحثة أنّ المقاطع المجموعة والمحتفية بالأشعار والمبالغات والتّشويق لا تمتّ بصلة إلى أسلوب الواقديّ المتميّز بالنظام والانسجام والخلوّ من التّكلّف. وينضاف إلى هذه القرائن حضور مؤشرات لغوية تدلّ على أنّ مقام التّواصل شفويّ مثل استعمال نون الجماعة وعبارات التّمجيد المتداولة في القصّ الشّفويّ. فاجتماع هذه القرائن دليل على أنّ كتاب فتوح الشّام حسب المؤلفة تدوين لروايات شفويّة أو كلام مكتوب غير خاضع لخطط الكتابة العالمة أسلوبيًّا وفكريًّا.

2) بطولة المرأة وزعامتها في الخطاب التاريخي الشّعبي من خلال “فتوح” الواقدي.

استهلت الكاتبة هذا الفصل بالإشارة إلى أنّ تصوّر الثّقافة الشّعبية لزعامة المرأة متأثّر إلى حدّ كبير بالتّمثلات القديمة الممجّدة لبطولات المرأة، ثمّ لاحظت أنّ لجوء الخطاب في كتب الفتوح إلى تضخيم بطولات المرأة المحليّة يخفي وراءه اختلافًا إثنيًّا بين المناطق المفتوحة. إذ احتفى “فتوح الشّام” ببطولات النّساء العربيّات المسلمات أثناء الفتوح مثل خولة بنت الأزور التّي خُصِّص لها حيّزٌ مهمّ من الأخبار للإشادة بفعاليّة مشاركتها في الفتوح. وتدلّل الكاتبة على هذه الصّورة الإيجابية بجرد بعض الإنجازات العسكريّة التي أحرزتها خولة دفاعًا وهجومًا. ولا تشذّ هذه المرأة حسب المؤلفة عن قاعدة الدّور العسكريّ الذي اضطلعت به المرأة العربيّة المسلمة زمن الفتوح، وإنّما يتأكّد حضور المرأة المتميّز بفضل نساء أخريات مجّد فتوح الشّام إنجازاتهنّ العسكرية، وكذلك الشأن بالنّسبة إلى “فتوح الجزيرة” حيث تضمّن قسمًا لا بأس به للإعلاء من زعامة المرأة المسلمة ذات الأصول الرّومية مثل الملكة مارية والزّعيمة طارون اللّتيْن ساعدتا جيوش المسلمين على فتح القلاع والحصون بعد إسلامهما، وحتّى الملكة مريم حافظت صورتها على مظاهر التّألق في الذاكرة الشّعبية على الرغم من رفضها الاستسلام لجيوش الفاتحين. أمّا كتاب “فتوح إفريقية” فإنّه من منظور الباحثة سلك أيضًا طريق فتوح الجزيرة في الإشادة بدور المرأة الرّوميّة الإفريقية عسكريًّا وسياسيًّا، غير أنّه تميّز عن بقية كتب الفتوح بخصائص بنيوية تتمثل في إخضاع فصول الكتاب إلى منوال قصصّي واحد، إضافةً إلى أنّه تضّمن خصائص أسلوبية شابها التّكرار، فضلاً عن الاضطراب في نسبة الأقوال إلى أصحابها، وهو ما يؤكد طغيان التّداول الشّفوي على حساب النصّ الأصليّ المكتوب.

ومن علامات إثناء الكتاب على دور المرأة المسلمة في ميدان الحرب اعتناؤه بجرد قائمة النّساء اللاّتي اضطلعن بدور حاسم في الفتوح إلاّ أنّ المرأة الإفريقيّة النّصرانيّة حظيت بأولويّة الاهتمام سواء أثناء مقاومتها غزو المسلمين أو بعد انضمامها إلى صفوفهم أمثال زوجه ملك المرو وداهية العقل وملكة مدينة العقبان لؤلؤة الطّرف. ولا تتوقّف القائمة عند الأميرات، فحتّى النّساء العاميّات اللاّتي ساعدن الفاتحين قد أولاهم الكتاب اهتمامه أيضًا. وتنتهي الباحثة في آخر الفصل إلى أنّ صورة المرأة الفاعلة في كتب الفتوح وفي الخطاب الشّفويّ عمومًا – على تضخّمها – هي أقرب إلى الواقع من الصّورة المعياريّة التي نسجها الخطاب العالِم المكتوب.

3) ردّ الخطاب العالِم: بدعة المرأة البطلة.

ارتأت الباحثة تقسيم هذا الفصل إلى ثلاثة عناصر فرعيّة لتوضّح موقف الخطاب العالم من زعامة المرأة استنادًا إلى ما يُروّج في الخطابات التّاريخيّة والسّياسيّة والفقهيّة. فبالنّظر إلى المدوّنة التّاريخية لاحظت إيجاز المؤرخين أثناء الحديث عن دور المرأة في الفتوح، إذ يجعل الطّبري مشاركة المسلمات في الغزوات مجرّد دفاع عن النّفس وأمرًا مفروضًا عليهنّ وليس سلوكًا اختيارياًّ. أمّا البلاذريّ وابن الجوزي فإنّ كليهما لا يتوقّف كثيرًا عند المشاركة النّسائيّة في الفتوح. فالحاصل أنّ علماء التّاريخ قد أجمعوا على استراتيجية الصّمت إزاء دور المرأة في فتوح الشّام أو قصروا كلامهم على الأدوار الثّانويّة كرعاية شؤون الرّجال ومداواة الجرحى ودفن الموتى. ويحضر الإقصاء في الخطاب بأشكال أخرى من قبيل التّركيز على معاني الجبن الأنثوي النّمطي والأخبار التي تحصر بطولة المرأة في الجانب الأخلاقي وإنجاب الذّكور الأبطال. ويزداد يقين الباحثة من أنّ الخطاب التّاريخي الرّسمي قد غيّب بطولات الفاتحات خاصة بالتصرّف في المعطيات الأصلية والتغافل عن التنويه بفروسية النّساء اللاتي شهدن القادسية بأعداد كبيرة مقابل الانشغال بمسائل ثانوية أخلاقية وغرامية. ولا يشذّ الخطاب السّياسي الرّسمي عن الخطاب التّاريخي في التّقليل من زعامة المرأة، إذ ربط ابن خلدون ربطًا وثيقًا القدرة الذّكورية بتسيير دواليب الحكم من ناحية، ومتّن العلاقة بين الأنوثة وبين العجز عن القيادة السّياسية من ناحية أخرى. وحتى ابن قتيبة لم يدّخر جهدًا في التّحذير من مخاطر زعامة المرأة شأنه شأن الغزالي. وبالرّجوع إلى المدونة الفقهية تَبيّنَ للباحثة أيضًا الإجماع بين المذاهب على قَصْر دور المرأة في الوظيفة الإنجابية واستبعادها من دائرة الوظائف المتّصلة بالشّأن العامّ.

ففقهاء السُّنة يقصرون مشاركة المرأة في الأدوار الثّانوية، بل إنّ بعضهم شرّع أحكامًا صريحة لمنع المرأة من القتال ولا يختلف فقهاء الشّيعة عن نظرائهم السّنة في هذا الموقف بما أنّهم جعلوا الجهاد قرينًا بخدمة الزّوج ووظّفوا حادثة تمرّد عائشة لسنّ أحكام فقهيّة تدين زعامة المرأة وتدرجها ضمن البدع. وحتّى الفقيه الخارجيّ لا يخرج عن مسار تقييد فاعليّة المرأة في الشأن العام لأنّ أحكامه الفقهية لا تتناسب مع حجم بطولات الخارجيات ومظاهر الزّعامة التي أبدَيْنَها ضدّ الأمويّين والعباسيّين.

لذلك تستنتج في آخر الفصل أنّ الخطابات الرّسميّة التّاريخية والسّياسية والفقهية على اختلاف مذاهبها قد اتّفقت على الحطّ من مكانة المرأة السّياسية والعسكريّة والتصّدي لكلّ أشكال خرق سلّم القيم التفاضلي لتأبيد زعامة الرّجل.

خاتمة الكتاب:

بيّنت الباحثة أنّ الخطاب الرّسمي مشدود برهانات فكريّة بالسّكوت عنها أو بتعديلها أو بإدانتها، غير أنّ الخطاب الفلسفي المنتمي هو الآخر إلى دائرة الثّقافة العالمة حاد عن مواقف بقية الخطابات الرّسميّة لأنّه أقرّ بنسبيّة الأحكام المتّصلة بالمرأة ونفى ارتباط فاعليّة المرأة بطبائع الأمور وإرادة اللّه. وتستدّل على اعتراف الفلاسفة بدور المرأة في الشّأن العامّ بمقولات ابن رشد في هذا السياق. ثمّ تعقد مقارنة على أساس المشابهة بين الخطاب الفلسفي وبين المعطيات الواردة في الخطاب الشعبيّ لإثبات انسجامهما في النّظر الإيجابي لزعامة المرأة.

أمّا بقيّة الخطابات الرّسمية فإنهّا تواطأت على تكريس السّيادة الذّكورية والعبوديّة الأنثوية وأفضلية الرّجل على المرأة في حقّ الحياة. وهذا الموقف يتأكدّ في ثنايا الخطاب المعجمي أيضًا إذ ترد صفة الرّجولة مرادفة لصواب الرّأي ورجاحة العقل، وهو ما يعنى أنّ المعجم قد طُوّع لترسيخ مسلمات الثقافة الفقهية القائمة على تثبيت النّقص الطّبيعي للمرأة وعدم الاعتراف بأحقيتها في الاضطلاع بأدوار مهمّة داخل المجتمع.

وبالعودة إلى موقف الفلاسفة ثمّنت الباحثة انفتاح ابن رشد وتحرّره من بداهات الخطابات التّاريخية والفقهية الرّسمية لأنّه وإن اعترف بنقص المرأة جسديًّا فقد التمس لها الأعذار وكشف عن الأسباب الحقيقة الكامنة وراء تدنّي مكانة المرأة من ناحية، وأقرّ بإمكانية تحملها مسؤوليات سياسية وفكرية من ناحية أخرى.

ويُختَم البحث بالإشارة إلى الرّهانيْن الأساسييّن من العمل. إذ يتمثّل أوّلهما في إعادة النّظر في مسلمات التّراث المثقل بالتّصورات السّلبية حول فعاليّة المرأة كي لا يظل حجر عثرة أمام تطبيق مبادئ العدل والمساواة بين الرجّل والمرأة في العصر الحديث. أمّا ثاني الرّهانيْن، فهو يرمي إلى استغلال تاريخ المرأة المشرّف في كلّ ميادين الحياة لدفع المرأة في العصر الرّاهن نحو المشاركة الفعّالة باعتبارها حقًّا طبيعيًّا اغتُصب منها سابقًا ويُراد له الآن التراجع عن استرداده.

ياسر الملولي – مؤمنون بلا حدود

TOP