الوصف
This post is also available in:
English (الإنجليزية)
صدر حديثاً عن المركز القومي للترجمة، القاهرة، كتاب “نور من الشرق: كيف ساعدت علوم الحضارة الإسلامية على تشكيل العالم الغربي”، للمؤلف جون فريلي، ترجمة أحمد فؤاد باشا.
يصحب هذا الكتاب القارئ معه في رحلة ثقافية تنويرية فريدة يتعرف خلالها إلى الدور الرائد للحضارات القديمة عامة، والحضارات العربية الإسلامية على وجه الخصوص، في إعادة تشكيل العالم الغربي منذ بدايات عصر النهضة الأوروبية الحديثة والثورة العلمية والصناعية التالية لها.
فبينما كانت أوروبا مكفنة فى ظلمات العصور الوسطى، كان علماء الحضارة العربية الإسلامية يتابعون أبحاثهم لتطوير المعارف والتقنيات التي حصلوها من القدماء ثم كانت الترجمات من العربية إلى اللاتينية دافعة ومحفزة لحدوث التطورات التي أدت إلى الإنجازات العلمية والتقنية التي تجني البشرية ثمارها اليوم.
يسهب فريلي في سرد يأسر القارئ كيف انتقلت مباحث الغزالي الفلسفية و علوم الفلكيين و الأطباء و الرياضيين المسلمين من سمرقند و بغداد إلى قرطبة في الأندلس و ما ورائها لتؤثر في المفكرين الغربيين مثل توما الاكويني و كوبرنيكوس و تساعد في إثارة الظاهرة الثقافية التي شهدها عهد النهضة الأوروبية. مؤكدا انه في الوقت الذي رزحت فيه أوروبا تحت القرون المظلمة كان العالم العربي في عصره الذهبي يشتعل بالمعرفة و الابتكار و الإبداع. مشيرا إلى انه مع اضمحلال هذا العصر الذهبي نسى الغرب دينه للعالم الإسلامي و نسى تأثير الحضارة الإسلامية في العصور الوسطى على تشكيل بدايات العلم الحديث.
السرد القصصي والعلمي
يجمع الكتاب بين السرد القصصي والعلمي، ولا غنى عن ترجمته لإثراء المكتبة العربية؛ فهو يقع في 256 صفحة، ويصحب القارئ معه في رحلة ثقافية تنويرية فريدة، يعرف من خلالها الدور الرائد للحضارات القديمة عامةً، والحضارة العربية الإسلامية خاصةً، في إعادة تشكيل العالم الغربي منذ بدايات عصر النهضة الأوروبية الحديثة والثورة العلمية والصناعية التالية لها؛ فعندما كانت أوروبا مكفّنة في ظلمات العصور الوسطى كان علماء الحضارة العربية الإسلامية يتابعون أبحاثهم لتطوير المعارف والتقنيات التي استحدثوها أو حصلوا عليها من القدماء، ثم كانت الترجمات من العربية إلى اللاتينية دافعةً وحافزةً لحدوث التطورات التي أدّت إلى الإنجازات العلمية والتقنية التي تجني البشرية ثمارها اليوم.
لم يتّبع المؤلف ما هو مألوف عادةً في التبويب حسب الموضوعات، أو التسلسل الزمني لعصور الحضارات، لكنه آثر -بمنهجه الخاصّ، وحبّه الرحلات والأسفار- أن يصحب القارئ معه في رحلة ثقافية تنويرية على التعاقب من بلاد ما بين النهرين ومصر القديمة إلى بلاد الإغريق وبغداد والقاهرة ودمشق ومراكش وقرطبة وفارس وسمرقند، وأبرز من خلال هذه الرحلة أهم جوانب العطاء العلمي والتقني للحضارة العربية الإسلامية، وأثرها الواضح في حركة التنوير مع بدايات عصر النهضة الأوروبية الحديثة.
يوضّح المؤلف في مقدّمته سبب تأليفه الكتاب بقوله: «بدأ كثير من مؤرّخي العلم المعاصرين في تأصيل الدور المهمّ الذي قام به العلماء والفلاسفة العرب في إيقاظ العقل الغربي؛ تمهيداً لقيام النهضة الأوروبية الحديثة، لكن معظم أعمال هؤلاء المؤرخين تأخذ طابعاً تثقيفياً لجوانب معيّنة من القضية، اقتصرت على الفلك الرياضياتي خاصةً، ولم يتطرق أيّ منهم إلى مخاطبة القارئ العام في التاريخ الشامل للعلم الإسلامي، وهذا الأمر هو ما دفعني إلى تأليف: نور من الشرق». ويؤكّد المؤلف أن الترجمات من العربية إلى اللاتينية كانت دافعةً وحافزةً لحدوث التطورات التي أدّت إلى الثورة العلمية في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين من خلال ظهور نظريات واكتشافات كوبرنيكوس وكبلر وجاليليو ونيوتن. وواصل العلماء الإسلاميون أبحاثهم الأصيلة حتى أواسط القرن السادس عشر الميلادي، خصوصاً في ميدان علم الفلك، باستحداث نماذج هندسية أكثر ملاءمةً للظواهر المرصودة لسلوك منظومة الكواكب في نموذج بطليموس، التي أثّرت بدورها في كوبرنيكوس، وأصبحت مقبولةً بشكل جيّد في القرن السادس عشر الميلادي، بل ربما أيضاً في القرن السابع عشر الميلادي في بعض الجوانب. لكن، مع حلول القرن السابع عشر الميلادي، نسيت أوروبا دَيْنها للإسلام، حتى عندما قال إسحق نيوتن: إنه رأى أبعد من غيره (يعني ديكارت)؛ لأنه وقف على أكتاف عمالقة سبقوه، أغفل تماماً أيّ ذكر لعلماء الحضارة العربية الإسلامية الذين تعلّمت أوروبا منهم العلم أولاً.
يركّز الكتاب في إطاره العام في عدة قضايا تتعلّق بالإجابة عن أسئلة من قبيل: ما العوامل التي أدّت إلى أن يتشرّب المسلمون العلم والفلسفة من الإغريق وحضارات أخرى أقدم في بلاد ما بين النهرين وفارس والهند والصين؟ وهل قدّم علماء الحضارة الإسلامية -إضافةً إلى صوْنهم العلم الذي اكتسبوه- أيّ إسهامات أصيلة؟ وما العوامل التي أدّت بهذه المجتمعات الإسلامية في نهاية المطاف إلى تراجع العلم العربي في معظم المجالات؟ ولماذا استمرت علوم معينة؛ مثل: الفلسفة، والحساب، والتنجيم، في الازدهار مدةً طويلةً بعد أن أصبحت العلوم الأخرى في حالة احتضار؟
تتابعت محتويات الكتاب في فصولها التسعة عشر بالعناوين الآتية: علم ما قبل العلم.. بلاد ما بين النهرين ومصر، وبلاد الإغريق، والطرق إلى بغداد، وبغداد العباسية: بيت الحكمة، والطب الروحاني، ومن بغداد إلى آسيا الوسطى، وعلاج الجهل، والقاهرة الفاطمية: علم الضوء، والقاهرة الأيوبية والمملوكية: شفاء الجسد والنفس، وأجهزة ميكانيكية بارعة، والتكنولوجيا الإسلامية، والأندلس، ومن المغرب إلى الصقلّيتين: من العربية إلى اللاتينية، وفلاسفة متهافتون، ومراغة وسمرقند: كرات داخل كرات، والعلم العربي والنهضة الأوروبية الحديثة، وكوبرنيكوس وأسلافه العرب، والثورة العلمية، وتراث العلم الإسلامي. وجعل المؤلف لكلّ فصل مراجعه وهوامشه في آخر الكتاب.
عن المؤلف:
مؤلِّف الكتاب هو جون فريلي John Freely، المولود في نيويورك عام 1926م. التحق فريلي بالبحرية الأمريكية وهو في السابعة عشرة من عمره ليشارك في الخدمة خلال الحرب العالمية الثانية، وحصل على درجة دكتوراه الفلسفة في الفيزياء من جامعة نيويورك، وأجرى دراسات ما بعد الدكتوراه في تاريخ العلم بجامعة أكسفورد، وهو يعمل أستاذاً للفيزياء في جامعة البوسفور بإسطنبول، ويدرّس الفيزياء وتاريخ العلم منذ عام 1960م، كما قام بالتدريس في جامعات: نيويورك، وبوستون، ولندن، وأثينا. ألّف فريلي أكثر من أربعين كتاباً في تاريخ العلم وأدب الرحلات، منها: مصباح علاء الدين.. كيف انتقل العلم الإغريقي إلى أوروبا عبر العالم الإسلامي، وعاصفة على ظهور الخيل، والشواطئ الغربية لتركيا.
عن المترجم:
الدكتور أحمد فؤاد باشا هو صاحب “نظرية العلم الإسلامية”, وهى نظرية عامة للعلم والتقنية في إطار من التصور الإسلامي السليم, لكي تواكب حركة الصحوة الإسلامية المعاصرة, وتكون إحدى مقوماتها الأساسية, انطلاقا من حقيقة أن المنهج العلمي الإسلامي سيكون هو الأقدر على تهيئة الإنسان لكل ما يمكن أن تسفر عنه الثورة العلمية والتقنية المرتقبة في المستقبل القريب أو البعيد.
ولد الدكتور أحمد فؤاد علي محمد باشا بقرية كفر أبو غالي بمحافظة الشرقية عام 1942م. أنهى دراسته الثانوية بمدرسة بلبيس الثانوية 1959م. حصل على درجة البكالوريوس من كلية العلوم جامعة القاهرة 1963م، وعلى درجة الماجستير من جامعة القاهرة 1969م، وعلى دكتوراه الفلسفة في الفيزياء من جامعة موسكو 1974م. تدرج في وظائف التدريس معيدًا 1963م، فمدرسًا 1974م، فأستاذًا مساعدًا 1980م، فأستاذًا 1987م. عين وكيلاً لكلية العلوم جامعة القاهرة لشؤون خدمة المجتمع والبيئة 1996- 2000م، ثم عميدًا للكلية 2000- 2001م، ثم نائبًا لرئيس الجامعة لشؤون خدمة المجتمع والبيئة من 2001- 2003م. وهو الآن أستاذ متفرع بالكلية، ومستشار رئيس الجامعة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة. انتخب عضوًا بالمجمع عام 2004م، في المكان الذي خلا بوفاة الدكتور أحمد مختار عمر.
للدكتور أحمد فؤاد باشا إنتاج علمي غزير في مجال الفيزياء يزيد على أربعين بحثًا منشورًا في المجلات المتخصصة، باللغة الإنجليزية. وقد أثرى الدكتور أحمد فؤاد المكتبة العربية بما يزيد على أربعين كتابًا ومرجعًا (مؤلفًا أو مترجمًا أو محققًا) في العلوم البحتة والتطبيقية، وفي الثقافة العلمية للأطفال والناشئة، وفي مجالات الفكر الإسلامي وفلسفة العلوم.
This post is also available in:
English (الإنجليزية)